وقال في حديث آخر له: ثم إن عبد الله بن سعد خرج إلى عثمان في آثار المصريين وقد كان كتب إليه يستأذنه في القدوم عليه فاذن له فقدم ابن سعد حتى إذا كان بايلة بلغه ان المصريين قد رجعوا إلى عثمان وأنهم قد حصروه ومحمد بن أبي حذيفة بمصر، فلما بلغ محمدا حصر عثمان وخروج عبد الله بن سعد عنه غلب على مصر فاستجابوا له، فاقبل عبد الله بن سعد يريد مصر فمنعه ابن أبي حذيفة فتوجه إلى فلسطين فأقام بها حتى قتل عثمان (رض).
وروى الطبري (89) بسنده إلى الزبير بن العوام قال: كتب أهل مصر بالسقيا أو بذي خشب (*) إلى عثمان بكتاب، فجاء به رجل منهم حتى دخل به عليه، فلم يرد عليه شيئا، فأمر به فأخرج من الدار، وكان أهل مصر الذين ساروا إلى عثمان ستمائة رجل على أربعة ألوية لها رؤوس أربعة، مع كل رجل منهم لواء، وكان جماع أمرهم جميعا إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وكان من أصحاب النبي (ص)، وإلى عبد الرحمن بن عديس التجيبي، فكان في ما كتبوا:
بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد، فاعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالله الله، ثم الله الله فإنك على دنيا فاستتم إليها معها آخرة ولا تنس نصبيك من الآخرة فلا تسوغ لك الدنيا، واعلم أنا والله لله نغضب، وفي الله نرضى، وإنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة مصرحة أو ضلالة مجلحة مبلجة (*)، فهذه مقالتنا لك وقضيتنا إليك، والله عذيرنا منك السقيا من أسافل أودية تهامة وذي خشب على مسيرة ليلة من المدينة معجم البلدان.
(*) جلح على الشئ أقدم إقداما شديدا. وجلح في الامر: صمم وركب رأسه. مبلجة واضحة بينة. (*)