أما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فأخبر النبي بأن عمارا كفر فقال: كلا، إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، وأخلط الايمان بلحمه ودمه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكي فجعل رسول الله يمسح عينيه، وقال: إن عادوا لك فعد لهم بما قلت، فأنزل الله تعالى فيه:
(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان..) الآية (59) (النحل / 106).
هاجر عمار إلى المدينة وشهد بدرا وما بعدها، ولما قدم النبي إلى المدينة جمع أحجارا وبنى له مسجد قبا فهو أول من بنى مسجد في الاسلام (60).
واشترك في بناء المسجد النبي صلى الله عليه وآله. قال ابن هشام (61) عند ذكره بناء رسول الله مسجده في المدينة: فدخل عمار وقد أثقلوه باللبن، فقال: يا رسول الله قتلوني يحملون علي مالا يحملون.
قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ينفض وفرته بيده وكان رجلا جعدا وهو يقول: " ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك إنما تقتلك الفئة الباغية " وارتجز علي بن أبي طالب (رض):
لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيها قائما وقاعدا وقائما طورا وطورا قاعدا * ومن يرى عن الغبار حائدا فأخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها.
قال ابن هشام: فلما أكثر، ظن رجل من أصحاب رسول الله أنه إنما