ندمت على تسييره؟ وأمر فدفع في قفاه وقال: إلحق بمكانه فلما تهيأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى علي فسألوه أن يكلم عثمان فيه. فقال له علي: يا عثمان!
إتق الله فإنك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره، وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان: أنت أحق بالنفي منه فقال علي رم ذلك إن شئت، واجتمع المهاجرون فقالوا: إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته فان هذا شئ لا يسوغ. فكف عن عمار.
ومنها في قصة أخذه كتاب استنكار الصحابة من عثمان إليه في ما أخرجه البلاذري وغيره (65). البلاذري: إن المقداد بن عمرو، وعمار بن ياسر، وطلحة، والزبير في عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه ربه وأعلموه أنهم مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب وأتاه به فقرأ صدرا منه فقال له عثمان: أعلي تقدم من بينهم؟ فقال عمار: لأني أنصحهم لك. فقال: كذبت يا ابن سمية! فقال: أنا والله ابن سمية وابن ياسر، فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ثم ضربه عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره فأصابه الفتق، وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه.
ومنها قصة استنكاره أخذ عثمان جواهر من بيت المال في ما رواه البلاذري (66) وقال: كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجواهر، فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه فخطب فقال: لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام. فقال له علي: إذا تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه. وقال عمار بن ياسر: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك، فقال عثمان: أعلي يا ابن المتكاء (*) تجترئ؟ خذوه، فأخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غشي المتكاء: العظيمة البطن، البظراء المفضاة، التي لا تمسك البول. (*)