الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٤٢
والحدود تدرأ بالشبهات؟ (1) هب إن عبد الرحمن شهد بتلك المشاركة، وادعى إنه شاهد الوقفة بعينه، فهل يقتل مسلم بشهادة رجل واحد في دين الله؟ ولم تعقد البينة الشرعية مصافقة لتلك الدعوى، ولهذا لما أنهيت القضية من اختلاء الهرمزان بأبي لؤلؤة إلى آخرها إلى عمر نفسه قال: ما أدري هذا انظروا إذا أنامت فاسألوا عبيد الله البينة على الهرمزان، هو قتلني؟ فإن أقام البينة فدمه بدمي، وإذا لم يقم البينة فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان.
وهب أن البينة قامت عند عبيد الله على المشاركة، فهل له أن يستقل بالقصاص؟
أو إنه يجب عليه أن يرفع أمره إلى أولياء الدم؟ لاحتمال العفو في بقية الورثة مضافا إلى القول بأنه من وظائف السلطان أو نائبه، وعلى هذا الأخير الفتوى المطردة بين العلماء. (2) على إنه لو كانت لعبيد الله أو لمن عطل القصاص منه معذرة كهذه لأبدياها أمام الملأ المنتقد، ولما قال مولانا أمير المؤمنين اقتل هذا الفاسق، ولما تهدده بالقتل متى ظفر به، ولما طلبه ليقتله أبان خلافته، ولما هرب عنه عبيد الله إلى معاوية، ولما اقتصر عثمان بالعذر بأنه ولي الدم، وإن المسلمين كلهم أولياء المقتول، ولما وهبه واستوهب المسلمين، ولما كان يقع الحوار بين الصحابة الحضور في نفس المسألة، ولما قام إليه سعد بن أبي وقاص وانتزع السيف من يده وجزه من شعره حتى أضجعه وحبسه في داره.
وهب إنه تمت لعبيد الله هذه المعذرة فبماذا كان اعتذاره في قتل بنت أبي لؤلؤة المسكينة الصغيرة، وتهديده الموالي كلهم بالقتل؟
2 أنا لا أدري من أين جاء المحب بهذا التاريخ الغريب من نهضة تيم وعدي ومنعهم من قتل عبيد الله، وجنوح الأمويين إليهم بصورة عامة؟ حتى يخافهم الخليفة

(١) سنن ابن ماجة ٢: ١١٢، سنن البيهقي ٨: ٢٣٨، سنن الترمذي ٢: ١٧١، أحكام القرآن للجصاص ٣: ٣٣٠، تيسير الوصول ٢: ٢٠.
(٢) كتاب الأم للشافعي ٦: ١١، المدونة الكبرى ٤: ٥٠٢، فيض الإله المالك للبقاعي 2: 286.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»