الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٣٧
عليا قال حين هرب فيطلبه ليقيد منه بالهرمزان: لئن فاتني في هذا اليوم، لا يفوتني في غيره.
هذه كلها تنم عن إن أمير المؤمنين عليه السلام كان مستمرا على عدم العفو عنه، و إنه لم يكن هناك حكم نافذ بالعفو يتبع، وإلا لما طلبه ولا تحرى قتله، وقد ذكره بذلك يوم صفين لما برز عبيد الله أمام الناس فناداه علي: ويحك يا ابن عمر!
علام تقاتلني؟ والله لو كان أبوك حيا ما قاتلني. قال: أطلب بدم عثمان. قال أنت تطلب بدم عثمان، والله يطلبك بدم الهرمزان، وأمر على الأشتر النخعي بالخروج إليه. (1) إلى هنا انقطع المعاذير في إبقاء عبيد الله والعفو عنه، لكن قاضي القضاة اطلع رأسه من ممكن التمويه، فعزى إلى شيخه أبي علي أنه قال (2): إنما أراد عثمان بالعفو عنه ما يعود إلى عز الدين، لأنه خاف أن يبلغ العدو قتله فيقال: قتلوا إمامهم، و قتلوا ولده، ولا يعرفون الحال في ذلك فيكون فيه شماتة. ا ه‍.
أولا تسائل هذا الرجل؟ عن أي شماتة تتوجه إلى المسلمين في تنفيذهم حكم شرعهم وإجرائهم قضاء الخليفة الماضي في ابنه الفاسق قاتل الأبرياء، وإنهم لم تأخذهم عليه رأفة في دين الله لتعديه حدوده سبحانه ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون، ولم يكترثوا لأنه في الأمس أصيب بقتل أبيه واليوم يقتل هو فتشتبك المصيبتان على أهله، هذا هو الفخر المرموق إليه في باب الأديان لأنه منبعث عن صلابة في إيمان، و نفوذ في البصيرة، وتنمر في ذات الله، وتحفظ على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله؟ و أخذ بمجاميع الدين الحنيف، فأي أمة هي هكذا لا تنعقد عليها جمل الثناء ولا تفد إليها ألفاظ المدح والاطراء؟ وإنما الشماتة في التهاون بالأحكام، وإضاعة الحدود بالتافهات، واتباع الهوى والشهوات، لكن الشيخ أبا علي راقه أن يكون له حظا من الدفاع فدافع.
ثم إن ما ارتكبه الخليفة خلق لمن يحتذي مثاله مشكلة ارتبكوا في التأول في

(1) مروج الذهب 2: 12.
(2) راجع شرح ابن أبي الحديد 1: 242.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»