الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٣١
ثابتة بالكتاب والسنة ولم تنزل آية تنسخ متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم حتى مات، وإنما النهي عنها رأي رآه الخليفة الثاني كما أخرجه الشيخان وجمع من أئمة الحديث من طرقهم المتكثرة، ولقد شاهد عثمان تلكم المواقف وما وقع فيها من الحوار وما أنكره الصحابة على من نهى عنها وكان كل حجته: إني لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الأراك ثم راحوا بهن حجاجا. وأنت ترى أن هذه الحجة الداحضة لم تكن إلا رأيا تافها غير مدعوم ببرهنة، بل منقوض بالكتاب والسنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أعرف من صاحب هذا الرأي بهذه الدقيقة التي اكتشفها بنظارته المقربة، والله سبحانه قبله يعلم كل ذلك، فلم ينهيا عن متعة الحج بل أثبتاها.
ما العلم إلا كتاب الله والأثر * وما سوى ذلك لا عين ولا أثر إلا هوى وخصومات ملفقة * فلا يغرنك من أربابها هدر (1) نعم: شهد عثمان كل ذلك لكنه لم يكترث لشئ منها، وطفق يقتص أثر من قبله، وكان حقا عليه أن يتبع كتاب الله وسنة نبيه والحق أحق أن يتبع، ولم يقنعه كل ذلك حتى أخذ يعاتب أمير المؤمنين عليا عليه السلام الذي هو نفس الرسول، وباب مدينة علمه، وأقضى أمته وأعلمها على عدم موافقته له في رأيه المجرد الشاذ عن حكم الله، حتى وقع الحوار بينهما في عسفان وفي الجحفة وأمير المؤمنين عليه السلام متمتع بالحج، وكاد من جراء ذلك يقتل علي سلام الله عليه كما مر حديثه في الجزء السادس ص 205 ط 1 و 219 ط 2.
ونحن لا ندري مغزى جواب الرجل لمولانا علي عليه السلام لما قاله: لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله. من قوله: أجل ولكنا كنا خائفين. أي خوف كان في سنة حجة التمتع مع رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وهي الحجة الوداع والنبي الأقدس كان معه مائة ألف أو يزيدون، وأنت تجد أعلام الأمة غير عارفين بهذا العذر التافه المختلق أيضا وقال إمام الحنابلة أحمد في المسند بعد ذكر الحديث: قال شعبة لقتادة: ما كان خوفهم قال: لا أدري.

(1) البيتان للفقيه أبي زيد على الزبيدي المتوفى 813 ذكرهما صاحب شذرات الذهب 7: 203.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»