ما في الحق تركك. قال: فعجبت لعثمان حين ولي كيف تركه؟ ولكن عرفت إن عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فلفته عن رأيه.
وعن عمران بن مناح قال جعل سعد بن أبي وقاص يناصي عبيد الله بن عمر حيث قتل الهرمزان وابنة أبي لؤلؤة، وجعل سعد يقول وهو يناصيه:
لا أسد إلا أنت تنهت واحدا * وغالت أسود الأرض عنك الغوائل (1) فقال عبيد الله:
تعلم أني لحم ما لا تسيغه * فكل من خشاش الأرض ما كنت آكلا فجاء عمرو بن العاص فلم يزل يكلم عبيد الله، ويرفق به حتى أخذ سيفه منه، وحبس في السجن حتى أطلقه عثمان حين ولي.
عن محمود بن لبيد: كنت أحسب إن عثمان إن ولي سيقتل عبيد الله لما كنت أراه صنع به، كان هو وسعد أشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه.
وعن المطلب بن عبد الله قال: قال علي لعبيد الله بن عمر: ما ذنب بنت أبي لؤلؤة حين قتلتها؟ قال: فكان رأي علي حين استشاره عثمان ورأي الأكابر من أصحاب رسول الله على قتله، لكن عمرو بن العاص كلم عثمان حتى تركه، فكان علي يقول: لو قدرت على عبيد الله بن عمر ولي سلطان لاقتصصت منه.
وعن الزهري: لما استخلف عثمان دعا المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا علي في قتل هذا الذي فتق في الدين ما فتق. فاجمع رأي المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجعون عثمان على قتله وقال: جل الناس: أبعد الله الهرمزان وجفينة يريدون يتبعون عبيد الله أباه. فكثر ذلك القول، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين!
إن هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك سلطان على الناس فاعرض عنه، فتفرق الناس عن كلام عمرو بن العاص.
وعن ابن جريج: إن عثمان استشار المسلمين فاجمعوا على ديتها، ولا يقتل بهما عبيد الله بن عمر، وكانا قد أسلما، وفرض لهما عمر، وكان علي بن أبي طالب لما بويع له أراد قتل عبيد الله بن عمر، فهرب منه إلى معاوية بن أبي سفيان، فلم يزل معه فقتل بصفين (2).