الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٣٦
على القصاص، ووافقه على ذلك مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام، لكنه قدم على رأيه الموافق للكتاب والسنة، وهو أقضى الأمة بنص النبي الأمين وعلى آراء الصحابة إشارة عمرو ابن العاصي ابن النابغة المترجم في الجزء الثاني صفحة 120 176 ط 2 بترجمة ضافية تعلمك حسبه ونسبه وعلمه ودينه حيث قال له: إن هذا الأمر كان وليس لك على الناس سلطان.. الخ. على حين إن من كانت له السلطة عندئذ وهو الخليفة المقتول في آخر رمق من حياته حكم بأن يقتص من ابنه إن لم يقم البينة العادلة بأن هرمزان قتل أباه، ومن الواضح إنه لم يقمها، فلم يزل عبيد الله رهن هذا الحكم حتى أطلق سراحه، وكان عليه مع ذلك دم جفينة وابنة أبي لؤلؤة.
وهل يشترط ناموس الاسلام للخليفة في إجرائه حدود الله وقوع الحوادث عند سلطانه؟ حتى يصاخ إلى ما جاء به ابن النابغة، وإن صحت الأحلام؟ فاستيهاب الخليفة لماذا؟ وهب إن خليفة الوقت له أن يهب أو يستوهب المسلمين حيث لا يوجد ولي للمقتول، ولكن هل له إلغاء الحكم النافذ من الخليفة قبله؟ وهل للمسلمين الذين استوهبهم فوهبوا ما لا يملكون رد ذلك الحكم البات؟ وعلى تقدير أن يكون لهم ذلك فهل هبة أفراد منهم وافية لسقوط القصاص، أو يجب أن يوافقهم عليها عامة المسلمين؟
وأنت ترى إن في المسلمين من ينقم ذلك الاسقاط وينقد من فعله، حتى إن عثمان لما رأى المسلمين إنهم قد أبوا إلا قتل عبيد الله أمره فارتحل إلى الكوفة وأقطعه بها دارا وأرضا، وهي التي يقال لها: كويفة ابن عمر، فعظم ذلك عند المسلمين وأكبروه وكثر كلامهم فيه. (1) وكان أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو سيد الأمة وأعلمها بالحدود والأحكام يكاشف عبيد الله ويهدده بالقتل على جريمته متى ظفر به، ولما ولي الأمر تطلبه ليقتله فهرب منه إلى معاوية بالشام، وقتل بصفين، كما في " الكامل " لابن الأثير 3: 32، وفي " الاستيعاب " لابن عبد البر: إنه قتل الهرمزان بعد أن أسلم وعفا عنه عثمان، فلما ولي علي خشي على نفسه فهرب إلى معاوية فقتل بصفين، وفي مروج الذهب 2:
24: إن عليا ضربه فقطع ما عليه من الحديد حتى خالط سيفه حشوة جوفه، وإن

(1) راجع ما مر في ص 133، ومعجم البلدان 7: 307.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»