الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ٣٢٢
إني أعذر الخليفة إن عزب عنه علم الكتاب والسنة أو تقاصر عن الحكم في القضايا فإن الامتهان بالبرطشة (1) والصفق بالأسواق، والاحتراف ببيع الخيط والقرظة (2) في إملاق لا يحدوه إلا إلى تحري لماظة يقتات بها ألهته عن العلوم، لكن لا أعذره على عدم معرفته باللغة وهي لغته تلوكها أشداقه في آناء الليل وأطراف النهار.
100 رأي الخليفة في صوم الدهر عن أبي عمر الشيباني قال: خبر عمر بن الخطاب رضوان الله عليه برجل يصوم الدهر فجعل يضربه بمخفقته (3) ويقول: كل يا دهر يا دهر (4).
قال الأميني: لقد أربكني الموقف فلا أدري على أي النقلين ألقي ثقتي؟ أعلى رواية ابن الجوزي هذه من حديث المخفقة؟ أم على نقله الآخر في سيرة عمر ص 146 من أنه كان يصوم الدهر. وروى الطبري وجعفر الفريابي في السنن وحكى عنهما السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 4 ص 332 من إنه كان يسرد الصيام، وفي سنن البيهقي 4 ص 301: أن عمر بن الخطاب قد كان يسرد الصيام قبل أن يموت، وسرد عبد الله بن عمر في آخر زمانه، وذكره ابن كثير في تاريخه 7 ص 135 ورواه المحب الطبري في الرياض 2 ص 38 واستدل به على أن سرد الصوم أفضل من صوم يوم وفطر يوم.
وليس هناك نهي عن ذلك في السنة الشريفة، وما يشعر بظاهره النهي عنه مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا صام من صام الأبد. وقوله: من صام الأبد فلا صام ولا أفطر. فهو منزل على صوم الأبد المستلزم بصوم الأيام المحرمة صومها أو على صورتي إيجابه الضعف أو تفويت الحق، وبدون هذه لا نهي عنه كما في صحيح مسلم 1 ص 319، وسنن البيهقي 4 ص 299، وكثير من كتب الفقه وشروح مجامع الحديث وأخرج ابن جرير عن أم كلثوم قالت قيل لعائشة: تصومين الدهر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صيام الدهر؟ قالت:

(١) راجع النهاية ١ ص ٧٨، قاموس اللغة ٢ ص ٢٦٢، تاج العروس ٤ ص ٧٢١، وقال:
هو الذي يكتري للناس الإبل والحمير ويأخذ عليه جعلا.
(2) راجع صحيفة 158، 303، 306.
(3) المخفقة. الدرة التي يضرب بها.
(4) سيرة عمر لابن الجوزي ص 174.
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»