الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ١٢٥
شاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم بلغ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لشراب الخمر؟ فقدروه بأربعين وروي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بنعلين أربعين، فجعل عمر مكان كل نعل سوطا، وروي من طريق آخر عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا وهو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر أربعين وروي هذا عن علي عن النبي عليه السلام من طريق أثبت، وبه قال الشافعي. ا ه‍.
وإن من الدخيل في الحديث ما عزي إلى أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: وكل سنة وهذا أحب إلي. فلو كانت الثمانون سنة مشروعة لعمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأقل مرة واحدة أو قالها لأحد ولو كان قالها لما خفي على كل المسلمين ولأحتج به عبد الرحمن دون قوله: أخف الحدود ثمانون، ولما عد عمر أول من أقام الحد في الخمر ثمانين كما فعله غير واحد (1) نعم: قال الحلبي في السيرة الحلبية 2 ص 314:
قوله (وكل سنة) أي طريقة فأربعون طريقته صلى الله عليه وسلم وطريقة الصديق رضي الله عنه، والثمانون طريقة عمر رضي الله عنه رآها اجتهادا مع استشارته لبعض الصحابة في ذلك لما رآه من كثرة شرب الناس للخمر. وقال ابن القيم في زاد المعاد 2 ص 195: من تأمل الأحاديث رآها تدل على أن الأربعين حد والأربعون الزائدة عليها تعزير اتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم.
ما عساني أن أقول في أناس اتخذوا تجاه سنة رسول الله طريقة باجتهاد واستشارة؟
وهل تعزير بعد الحد حتى يتأتى باتفاق الصحابة عليه؟ وهل لهذه المزعمة معنى معقول حتى يتخذ مذهبا؟ أنا لست أدري أي قيمة لتلك الطريقة في سوق الاعتبار وجاه الطريقة المثلى ولن تجد لسنة الله تحويلا، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وما أتى به النبي الأعظم أحق أن يتبع، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه.
وهناك كلمات تافهة حول هذا الاجتهاد مثل قول القسطلاني (2) من أن الكل حد وعليه فحد الشارب مخصوص من بين سائر الحدود بأن يتحتم بعضه ويتعلق

(١) منهم العسكري في أولياته، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ ص ١١٣، وابن كثير في تاريخه ٧ ص ١٣٢، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٩٣، وعلاء الدين السكتواري في محاضرة الأوائل ص ١٦٩، والقرماني في تاريخه هامش الكامل ١ ص ٢٠٣.
(2) في إرشاد الساري 6 ص 104 و ج 9 ص 439.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»