السجن، وأرجله لا تزال متأثرة بالقيود، فيختلج في رفيفه ويتثاقل في طيرانه، وقد يهوي أحيانا إلى الهوة غير مختار.
هذا من حاول أن يتحرر من شخصيته الاعتقادية وتأثيرها عليه. أما من يؤرخ لأجل غذاء عقيدته، أو يؤلف إرضاء نفسه أو محيطه، فاقرأه ألف سلام! وأرجو من الله تعالى أن يوفقني لئلا أكونه.
وأظنني غير مبالغ إذا قلت: إن المؤرخين من السلف على الأكثر - وأقول " على الأكثر " إذا أردت الاحتياط في القول كانوا من النوع الثاني. بل حتى المؤرخين النوع الثاني.
بل حتى المؤرخين في عصرنا لا يخرجون عن هذه الطريقة على الغالب. وإن تظاهروا بحرية الرأي وإنصاف الواقع والحق، فظهر جليا - بالرغم على المؤرخ - نزعته على قلمه ويتماشى تأريخه وتأليفه مع الروح التي يحملها، فيختار من الأحاديث ما لا يفسد عليه رأيه، ولا يصدق إلا بما يجري على هواه.
فكم يكون الرجل عنده كذابا وضاعا، لأنه نقل ما لا يتفق ومبادءه، وكم يكون ثقة صدوقا لأنه لم يرو إلا أحاديث تؤيد طريقته.
- 2 - اضطراب التاريخ وهناك بلاء مني به التاريخ الإسلامي خاصة حماه