وإليك ما قاله أئمة العربية في تفسيرها، واللفظ للزمخشري في كشافه جعله كشرح مزجي، قال: (الطلاق) بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم (مرتان) أي التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والارسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن أراد التكرير كقوله: (ثم ارجع البصر كرتين) أي كرة بعد كرة. إلى أن قال: وقوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) تخيير لهم - بعد أن علمهم كيف يطلقون - بين أن يمسكوا النساء بحسن المعاشرة والقيام بواجبهن، وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي لهن عليهم. قال: وقيل معناه الطلاق الرجعي مرتان - مرة بعد مرة - لأنه لا رجعة بعد الثلاث. إلى أن قال: (فإن طلقها) الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى: (الطلاق مرتان) واستوفى نصابه أو فإن طلقها مرة ثالثة بعد المرتين (فلا تحل له من بعد) أي بعد ذلك التطليق (حتى تنكح زوجا غيره).. الخ (338).
قلت: هذا هو معنى الآية وهو المتبادر منها إلى الأذهان وبه فسرها المفسرون كافة، ولا يمكن أن يكون قوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) متناولا لقول القائل لزوجته (أنت طالق ثلاثا) إلا أن يكون قبل ذلك قد تكرر منه طلاقها مرتين بعد كل مرة منهما رجعة كما لا يخفى.
لكن عمر رأى أيام خلافته تهافت الرجال على طلاق أزواجهم ثلاثا بإنشاء واحد فألزمهم بما ألزموا به أنفسهم عقوبة أو تأديبا، والسنن صريحة في نسبة ذلك إليه (339).