قلنا: لو كان ثمة قرينة ما كان كلا من هؤلاء الثلاثة في الوجل من هذا الإنذار على السواء (1).
على أنه لا فرق في هذه المشكلة بين عدم البيان واختفائه بعد صدوره لاتحاد النتيجة فيهما بالنسبة إلينا، إذ لا مندوحة لنا عن العمل بما يوجبه العلم الاجمالي من تنجيز التكليف في الشبهة المحصورة على كلا الفرضين.
فإن قلت: إنما كان المنصوص عليه بالنار منهم مجملا قبل موت الأول والثاني ولسبقهما إلى الموت تبين وتعين أنه إنما هو الباقي بعدهما بعينه دون سابقيه وحينئذ لا إجمال ولا إشكال.
قلنا. أولا: أن الأنبياء عليهم السلام كما يمتنع عليهم ترك البيان مع الحاجة إليه يستحيل عليهم تأخيره عن وقت الحاجة، ووقت الحاجة هنا متصل بصدور هذا الإنذار لو كان لواحد من الثلاثة شئ من الاعتبار، لأنهم منذ أسلموا كانوا محل ابتلاء المسلمين في الحقوق المدنية شرعا كالإمامة في الصلاة جماعة، وقبول الشهادة في المرافعات الشرعية ونحوها، وكالإفتاء و القضاء، مع استجماعهم لشروطهما، ونحو ذلك مما يشترط فيه العدالة والورع فلولا وجوب إقصائهم عنها ما أخر صلى الله عليه وآله البيان اتكالا على صروف الزمان، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يقصي أحدا عن حقه طرفة عين، ومعاذ الله أن يخزي من لا يستحق الخزي ثم يبقيه على خزيه حتى يموت مخزيا إذ لا نعرف براءته - بناء على هذا الفرض الفاسد - إلا بتقدم موته.
وثانيا: أنا (شهد الله) بذلنا الطاقة بحثا وتنقيبا فلم يكن بالوسع أن نعلم أيهم المتأخر موتا، لأن الأقوال في تاريخ وفياتهم بين متناقض متساقط (2) وبين