صورة إجازة أخرى (1) منا لبعض تلامذتنا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الروايات عن الأئمة السادات ذريعة إلى نيل السعادات، وصان طرقها بالإجازات عن تطرق الشكوك والشبهات، والصلاة على أشرف البريات، المنتهى إليه سلسلة العلم والحكمة من جميع الجهات، وأهل بيته المعصومين من جميع السيئات، المعروفين بالشرف والجلالة في الأرضين والسماوات.
أما بعد فلما كان أشرف العلوم وأوثقها، وأنصر المعارف وأروقها، ما يصير سببا لفلاح طالبه وينجيه مما يرديه، وليس ذلك إلا معرفة الرب سبحانه وما يسخطه ويرضيه، وما خلق لأجله ومن يدله على تلك الأمور ويهديه، من أنبياء الله وحججه وأصفيائه صلوات الله عليهم أجمعين، والمتكفل لذلك لجميع ذلك على وجه لاشك فيه ولا ارتياب، هو علم القرآن والحديث المأثور عن الأئمة الأطياب، ولا يتأتي ذلك إلا بالنقل والرواية، ثم التفكر والتأمل والدراية وكانت الروايات مما يتطرق في أسانيدها شوائب الضعف والجهالة، فلذا سد سلفنا الصالحون طرقها بالإجازات وتصحيحها الأسانيد، والتمييز بين المراسيل والمسانيد، ليتضح عند طالب الحق صحيحها من سقيمها، وعليلها من سليمها.
ولما كان المولى الفاضل الصالح الكامل البارع المتبحر النحرير جامع فنون الكمالات وحائز قصبات السبق في مضامير السعادات، محيي مدارس العلم بأنفاسه المسيحية، ومروي بساتين الفضل بأنهار أفكاره الأريحية، الفائق على البلغاء نظما ونثرا، والغائص في بحار الحكمة دهرا، ممن قد صرف برهة من عمره في تحصيل العلوم العقلية، فلما بلغ الغاية القصوى في مناكبها، ورمي بأرواقه عن مراكبها أقبل