وبعد العز مذللات، وإلى مصرعك مبادرات، وشمر جالس على صدرك، مولغ سيفه في نحرك، قابض شيبتك بيده، ذابح لك بمهنده، وقد سكنت حواسك، و خمدت أنفاسك، وورد على القناة رأسك، وسبي أهلك كالعبيد، وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطيات، تلفح وجوههم حرور الهاجرات، يساقون في الفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق، يطاف بهم في الأسواق.
فالويل للعصاة الفساق، لقد قتلوا بقتلك الاسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام، وهدموا قواعد الايمان، وحرفوا آيات القرآن، و هملجوا في البغي والعدوان، لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله من أجلك موتورا وعاد كتاب الله مهجورا "، وغودر الحق إذ قهرت مقهورا "، وفقد بفقدك التكبير والتهليل، و التحريم والتحليل، والتنزيل والتأويل، وظهر بعدك التغيير والتبديل، والالحاد والتعطيل، والأهواء والأضاليل، والفتن والأباطيل، وقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلى الله عليه وآله، فنعاك إليه بالدمع الهطول، قائلا " يا رسول الله قتل سبطك وفتاك، واستبيح أهلك وحماك، وسبي بعدك ذراريك، ووقع المحذور بعترتك وبنيك، فنزع الرسول الرداء، وعزاه بك الملائكة والأنبياء، وفجعت بك أمك فاطمة الزهراء، واختلفت جنود الملائكة المقربين، تعزي أباك أمير المؤمنين وأقيمت عليك المآتم في أعلا عليين، تلطم عليك فيها الحور العين، وتبكيك السماوات وسكانها، والجبال وخزانها، والسحاب وأقطارها، والأرض وقيعانها، و البحار وحيتانها، ومكة وبنيانها، والجنان وولدانها، والبيت والمقام، والمشعر الحرام، والحطيم وزمزم، والمنبر المعظم، والنجوم الطوالع، والبروق اللوامع، والرعود القعاقع، والرياح الزعازع، والأفلاك الروافع، فلعن الله من قتلك وسلبك، واهتضمك وغصبك، وبايعك فاعتزلك، وحاربك وساقك وجهز الجيوش إليك ووثب الظلمة عليك، أبرء إلى الله سبحانه من الامر والفاعل والغاشم والخاذل، اللهم فثبتني على الاخلاص والولاء، والتمسك بحبل أهل الكساء، وانفعني بمودتهم واحشرني في زمرتهم، وأدخلني الجنة بشفاعتهم