البيت والمحراب، معتزل عن اللذات والأحباب. تنكر المنكر بقلبك ولسانك، على حسب طاقتك وإمكانك.
ثم اقتضاك العلم للانكار، وألزمك أن تجاهد الكفار، فسرت في أولادك و أهاليك، وشيعتك ومواليك، وصدعت بالحق والبينة، ودعوت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمرت بإقامة الحدود، وطاعة المعبود، ونهيت عن الخيانة والطغيان، فواجهوك بالظلم والعدوان، فجاهدتهم بعد الايعاد إليهم، وتأكيد الحجة عليهم، فنكثوا ذمامك وبيعتك، وأسخطوا ربك، وأغضبوا جدك، و أنذروك بالحرب، فثبت للطعن والضرب، وطحطحت جنود الكفار، وشردت جيوش الأشرار، واقتحمت قسطل الغبار، مجالدا " بذي الفقار، كأنك علي المختار.
فلما رأوك ثابت الجاش، غير خائف ولا خاش، نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوهم بكيدهم وشرهم، وأجلب اللعين عليك جنوده، ومنعوك الماء ووروده وناجزوك القتال، وعاجلوك النزال، ورشقوك بالسهام، وبسطوا إليك الأكف للاصطلام، ولم يرعوا لك الذمام، ولا راقبوا فيك الأنام، وفي قتلهم أولياءك و نهبهم رحالك، وأنت مقدم في الهبوات، محتمل للأذيات، وقد عجبت من صبرك ملائكة السماوات، وأحدقوا بك من كل الجهات، وأثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين ماء الفرات، ولم يبق لك ناصر، وأنت محتسب صابر، تذب عن نسوانك وأولادك.
فهويت إلى الأرض طريحا "، ظمآن جريحا " تطؤك الخيول بحوافرها، وتعلوك الطغاة ببواترها، قد رشح للموت جبينك، واختلفت بالانبساط والانقباض شمالك ويمينك، تدير طرفا " منكسرا " إلى رحلك، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهلك وأسرع فرسك شاردا "، وإلى خيامك قاصدا "، محمحما باكيا ".
فلما رأين النساء جوادك مخزيا " وأبصرن سرجك ملويا، برزن من الخدور للشعور ناشرات، وللخدود لاطمات، وللوجوه سافرات، وبالعويل داعيات،