رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٩١
الوقوع فيها بل في أفحشها ومن ذلك أنه قد يقدم مدح من يريد غيبته فيقول ما أحسن أحوال فلان ما كان يقصر في العبادات ولكن قد اعتراه فتور وابتلى بما يبتلى به كلنا وهو قلة الصبر فيذكر نفسه بالذم ومقصوده ان يذم غيره وان يمدح نفسه بالتشبه بالصالحين في ذم أنفسهم فيكون مغتابا مرائيا مزكيا نفسه فيجمع بين ثلث فواحش وهو يظن بجهله انه من الصالحين المتعففين عن الغيبة هكذا يلعب الشيطان باهل الجهل إذا اشتغلوا بالعلم أو العمل من غير أن تيقنوا الطريق فيتبعهم ويحيط بمكائده عملهم ويضحك عليهم ويسخر منهم ومن ذلك أن يذكر ذاكر عيب انسان فلا ينتبه له بعض الحاضرين فيقول سبحان الله ما أعجب هذا حتى يصغى الغافل إلى المغتاب ويعلم ما يقوله فيذكر الله سبحانه ويستعمل اسمه آلة في تحقيق خبثه وباطله وهو يمن على الله بذكره جهلا وغرورا وفى ذلك أن يقول جرى من فلان كذا أو ابتلى بكذا بل يقول جرى لصاحبنا أو صديقنا كذا تاب الله عليه وعلينا يظهر الدعاء له والتالم والصداقة والصحبة والله مطلع على خبث سريرته وفساد ضميره وهو بجهله لا يدري انه قد تعرض لمقت أعظم مما يتعرض له الجهال إذا جاهروا بالغيبة ومن أقسامها الخفية الاصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب فإنه انما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة فيزيد فيها فكأنه يستخرج منه الغيبة بهذا الطريق فيقول عجبت مما ذكرته ما كنت اعلم بذلك إلى الان ما كنت اعرف من فلان ذلك يريد بذلك تصديق المغتاب و استدعاء الزيادة منه باللطف والتصديق لها غيبة بل الاصغاء إليها بل السكوت عند سماعها قال رسول الله صلى الله عليه وآله المستمع أحد المغتابين وقال علي عليه السلام السامع للغيبة أحد المغتابين ومراده السامع على فصد الرضا والايثار لا على وجه الاتفاق ومع القدرة على الانكار ولم يفعل ووجه كون المستمع والسامع
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست