حقه لاجرم كانت ضد المقصود الكلى للشارع وكانت مفسدة كلية فلذلك أكثر الله ورسوله من النهى عنها والوعيد عليها وبالله التوفيق وحيث آتينا على ما يحتاج إليه في المقدمة فلنشرع في الفصول الفصل الأول في أقسامها لما عرفت ان المراد منها ذكر أخيك بما يكرهه منه لو بلغه أو الاعلام به أو التنبيه عليه كان ذلك شاملا لما يتعلق بنقصان بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه وداره ودابته وقد أشار الصادق عليه السلام إلى ذلك بقوله وجوه الغيبة يقع بذكر عيب في الخلق والفعل والمعاملة والمذهب والجهل وأشباهه فالبدن كذكرك فيه العمش والحول والعور والقرع والقصر والطول والسواد والصفرة وجميع ما يتصور ان يوصف به ما يكرهه إما بان يقول أبوه فاسق أو خبيث أو خسيس أو اسكاف أو تاجر أو حائك أو جاهل أو نحو ذلك مما يكرهه كيف كان واما الخلق بان يقول إنه سئ الخلق محيل متكبر مرائ شديد الغضب جبان ضعيف القلب ونحو ذلك واما في أفعاله المتعلقة بالدين كقولك سارق كذاب شارب الخمر خائن ظالم متهاون للصلاة لا يحسن الركوع والسجود ولا يحترز من النجاسات ليس بار بوالديه ولا يحرس نفسه من الغيبة والتعرض لاعراض الناس واما فعله المتعلق بالدنيا كقولك قليل الأدب متهاون بالناس لا يرى لاحد عليه حقا كثير الكلام كثير الاكل نئوم يجلس في غير موضعه ونحو ذلك واما في ثوبه كقولك انه واسع الكم طويل الذيل وسخ الثياب ونحو ذلك واعلم أن ذلك لا يقصر على اللسان بل التلفظ به انما حرم لان فيه تفهيم الغير نقصان أخيك وتعريفه بما يكرهه فالتعريض به كالتصريح والفعل فيه كالقول والإشارة والرمز والايماء والغمز واللمز والكتبة والحركة وكل ما يفهم المقصود داخل في الغيبة مسا واللسان
(٢٨٩)