رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٨٤
متعاطى الرزائل الواضحات ولو راجعوا عقولهم واستضاؤا بأنوار بصائرهم لوجدوا بين المعصيتين فرقا بعيدا وتفاوتا شديدا بل لا نسبة بين المعاصي المستلزمة للاخلال بحق الله سبحانه على الخصوص وبين ما يتعلق مع ذلك بحق العبيد خصوصا اعراضهم فإنها أجل من أموالهم وأشرف ومتى شرف الشئ عظم الذنب في انتهاكه مع ما يستلزمه من الفساد الكلى كما ستقف عليه انشاء الله اجتب ان اصنع في هذه الرسالة جملة من الكلام على الغيبة وبما ورد فيها من النهى في الكتاب والسنة والأثر ودلالة العقل عليه وسميتها كشف الريبة عن احكام الغيبة واتبعتها بما يليق بها من النميمة وبعض احكام الحسد وختمتها بالحث على القواصل والتحابب و المراحمة ورتبتها على مقدمة وفصول وخاتمة إما المقدمة ففي تعريفها وجملة من الترهيب منها فنقول الغيبة بكسر الغين المعجمة وسكون الياء المثناة التحتانية وفتح الباء الموحدة اسم لقولك اغتاب فلان فلانا إذا أوقع فيه في غيبته و المصدر الاغتياب يقال اغتابه اغتيابا والاسم الغيبة هذا بحسب المعنى اللغوي واما بحسب الاصطلاح فلها تعريفان أحدها المشهور مشهور وهو ذكر الانسان حال غيبته بما يكره نسبة إليه مما يعد نقصانا في العرف بقصد الانتقاص والذم فاحترز بقيد الأخير وهو قصد الانتقاص عن ذكر العيب للطبيب مثلا أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حق الزمن والأعمى بذكر نقصانها ويمكن الغناء عنه بقيد كراهته نسبة إليه والثاني التنبه على ما يكره نسبة الخ وهو أعم من الأول لشمول مورده اللسان والإشارة والحكاية وغيرها وهو أولي لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان وقد جاء على المشهور قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل تدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أرأيت إن كان في أخي ما أقول
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست