قال الملك: وهل تدركون إلى هذه الدار مطلبا وإلى دخولها سبيلا؟
قال الوزير: نعم هي مهيأة لمن طلبها من وجه مطلبها، ومن أتاها من بابها ظفر بها، قال الملك: ما منعك أن تخبرني بهذا قبل اليوم؟ قال الوزير: منعني من ذلك إجلالك والهيبة لسلطانك، قال الملك: لئن كان هذا الامر الذي وصفت يقينا فلا ينبغي لنا أن نضيعه ولا نترك العمل به في إصابته، ولكنا نجتهد حتى يصح لنا خبره، قال الوزير: أفتأمرني أيها الملك أن أواظب عليك في ذكره والتكرير له؟ قال الملك:
بل آمرك أن لا تقطع عني ليلا ولا نهارا، ولا تريحني ولا تمسك عني ذكره فإن هذا أمر عجيب لا يتهاون به، ولا يغفل عن مثله، وكان سبيل ذلك الملك والوزير إلى النجاة.
قال ابن الملك: ما أنا بشاغل نفسي بشئ من هذه الأمور عن هذا السبيل ولقد حدثت نفسي بالهرب معك في جوف الليل حيث بدا لك أن تذهب.
قال بلوهر: وكيف تستطيع الذهاب معي والصبر على صحبتي وليس لي جحر يأويني، ولا دابة تحملني، ولا أملك ذهبا ولا فضة، ولا أدخر غذاء العشاء، ولا يكون عندي فضل ثوب، ولا أستقر ببلدة إلا قليلا حتى أتحول عنها ولا أتزود من أرض إلى أرض أخرى رغيفا أبدا.
قال ابن الملك: إني أرجو أن يقويني الذي قواك، قال بلوهر: أما إنك إن أبيت إلا صحبتي كنت خليقا أن تكون كالفتى الذي صاهر الفقير.
قال يوذاسف: وكيف كان ذلك؟ قال بلوهر: زعموا أن فتى كان من أولاد الأغنياء فأراد أبوه أن يزوجه ابنة عم له ذات جمال ومال، فلم يوافق ذلك الفتى ولم يطلع أباه على كراهته حتى خرج من عنده متوجها إلى أرض أخرى، فمر في طريقه على جارية عليها ثياب خلقان لها، قائمة على باب بيت من بيوت المساكين فأعجبته الجارية، فقال لها: من أنت أيتها الجارية؟ قالت: ابنة شيخ كبير في هذا البيت، فنادى الفتى الشيخ فخرج إليه فقال له: هل تزوجني ابنتك هذه؟ قال:
ما أنت بمتزوج لبنات الفقراء وأنت فتى من الأغنياء، قال: أعجبتني هذه الجارية ولقد خرجت هاربا من امرأة ذات حسب ومال أرادوا مني تزويجها، فكرهتها