وقال صاحب كتاب الغارات: إن عليا عليه السلام لما حد النجاشي غضب اليمانية، فدخل طارق بن عبد الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين! ما كنا نرى أن أهل المعصية والطاعة، وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيان في الجزاء، حتى رأينا ما كان من صنيعك بأخي الحارث، فأوغرت صدورنا، وشتت أمورنا، وحملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار. فقال [علي عليه السلام]: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) (1) يا أخا نهد! وهل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله؟! فأقمنا عليه حدا كان كفارته إن الله تعالى يقول: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) [8 / المائدة: 5] فلما جنه الليل همس هو والنجاشي إلى معاوية.
قال [إبراهيم]: ومن المفارقين لعلي عليه السلام أخوه عقيل. قدم [عقيل] على [أخيه] أمير المؤمنين [عليه السلام] بالكوفة يسترفده، فعرض عليه عطاءه فقال [عقيل]: إنما أريد من بيت المال. فلما صلى علي عليه السلام الجمعة قال له: [يا عقيل] ما تقول في من خان هؤلاء أجمعين؟ قال: بئس الرجل قال: فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك.
فلما خرج [عقيل] من عنده شخص إلى معاوية، فأمر له [معاوية] يوم قدومه بمائة ألف درهم، وقال له: يا أبا يزيد أنا خير لك أم علي؟ قال [عقيل]:
وجدت عليا أنظر لنفسه منك، ووجدتك أنظر لي منك لنفسك.
وقال معاوية لعقيل: إن فيكم يا بني هاشم للينا. قال: أجل إن فينا للينا من غير ضعف، وعزا من غير عنف، وإن لينكم يا معاوية غدر، وسلمكم كفر.
فقال معاوية: ولا كل هذا يا أبا يزيد. [ف] قال عقيل:
لذي الحلم قبل اليوم ما يقرع * وما علم الإنسان إلا ليعلما