أقول: هذا غير ثابت، ثم إن الكلام يحتمل وجهين:
الأول: أنه ليس كل مفتون مستحقا للعتاب، إذ يمكن أن يكون سبب فتنته ما لم يكن باختياره.
والثاني: أن يكون المراد [أن] بعض المفتونين لا يعاتبون لعدم نفع الخطاب فيهم.
و [أيضا] قال [ابن أبي الحديد:] في موضع آخر من الشرح (1): روى أبو يوسف قال: قال أبو حنيفة: الصحابة كلهم عدول، ما عدا رجالا، ثم عد منهم أبا هريرة وأنس بن مالك.
قال: وروي عن علي عليه السلام أنه قال: أكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وآله أبو هريرة الدوسي.
قال: وروي أنه يوم وصل إلى مروان رأس الحسين عليه السلام بالمدينة، وهو يومئذ أميرها، صعد المنبر وخطب ثم رمى بالرأس نحو قبر النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا محمد يوم بيوم بدر!
قال: وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين، أن عدة من الصحابة والتابعين كانوا منحرفين عن علي عليه السلام، كاتمين لمناقبه حبا للدنيا، منهم أنس بن مالك ناشد علي عليه السلام في الرحبة، أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها. وأنس بن مالك لم يقم، فقال له [علي]: يا أنس ما يمنعك أن تشهد فلقد حضرتها! فقال: يا أمير المؤمنين! كبرت سني ونسيت! فدعا عليه ببرص لا تغطيه العمامة فابتلي [أنس] به.