ثم قال [ابن أبي الحديد:] فإن قيل: فمن هذا الرجل الموعود به! قيل:
أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس.
وأما أصحابنا، فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان، لأم ولد وليس بموجود الآن.
فإن قيل: فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجودا حتى ينتقم منهم؟
قيل: أما الإمامية فتقول بالرجعة، ويزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية وغيرهم، إذا ظهر إمامهم المنتظر، وأنه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم، ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوما آخرين، وينتقم من أعداء آل محمد عليهم السلام المتقدمين [منهم] والمتأخرين.
وأما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلا من ولد فاطمة عليها السلام يستولي على السفياني وأشياعه من بني أمية (1).
ثم قال: فإن قيل: لماذا خص أهل الجمل وأهل النهروان بالذكر، ولم يذكر [أهل] صفين؟ قيل: لأن الشبهة كانت في أهل الجمل وأهل النهروان ظاهرة الالتباس، أما أهل الجمل [ف] لحسن ظنهم بطلحة والزبير، وكون عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله معهم.
وأما أهل النهروان، فكانوا أهل قرآن وعبادة واجتهاد، وعزوف عن الدنيا، وهم كانوا قراء العراق وزهادها.
وأما معاوية، فكان فاسقا مشهورا بقلة الدين والانحراف عن الإسلام، وكذلك ناصره ومظاهره على أمره، عمرو بن العاص ومن اتبعهما من طغام أهل الشام وأجلافهم وجهال الأعراب، فلم يكن أمرهم خافيا في جواز قتالهم