بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ٦١
وبقيت خصلة واحدة وهو أن يثبت عندهم أنه يبرأ من أبي بكر وعمر وينسبهما إلى الظلم ومخالفة الرسول في أمر الخلافة وأنهما وثبا عليها غلبة وغصباه إياها فكانت هذه تكون الطامة الكبرى وليست مقتصرة على إفساد أهل الشام عليه بل وأهل العراق الذين هم جنده وبطانته وأنصاره لأنهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين إلا القليل الشاذ من خواص الشيعة.
فلما كتب ذلك الكتاب مع أبي مسلم الخولاني قصد أن يغضب عليا ويحرجه ويحوجه إذا قرأ ذكر أبي بكر وأنه أفضل المسلمين إلى أن يرهن خطه في الجواب بكلمة تقتضي طعنا في أبي بكر فكان الجواب مجمجما (1) غير بين ليس فيه تصريح بالتظليم لهما ولا التصريح ببراءتهما وتارة يترحم عليهما وتارة يقول: أخذا حقي وقد تركته لهما.
فأشار عمرو بن العاص على معاوية أن يكتب كتابا ثانيا مناسبا للكتاب الأول ليستفزا فيه عليا عليه السلام ويستخفاه ويحمله الغضب منه أن يكتب كلاما يتعلقان به في تقبيح حاله وتهجين مذهبه وقال له عمرو: إن عليا عليه السلام رجل نزق تياه ما استطعمت (2) منه الكلام بمثل تقريظ أبي بكر وعمر فاكتب [إليه ثانيا] فكتب كتابا أنفذه إليه مع أبي أمامة الباهلي وهو من الصحابة بعد أن عزم على بعثه مع أبي الدرداء ونسخة الكتاب:
من عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فإن الله تعالى جده اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله لرسالته واختصه بوحيه وتأدية شريعته فأنقذ به من العماية وهدى به من الغواية ثم قبضه إليه رشيدا حميدا قد

(1) قال الفيروزآبادي: " الجمجمة " أن لا يبين كلامه وإخفاء الشئ في الصدر. منه رحمه الله - [و جمجم] عن الامر: لم يقدم عليه (2) النزق: الخفة في كل أمر. العجلة في جهل وحمق. والتياه: كثير التيه وهو الكبر.
وقال المجلسي على ما في هامش بحار الأنوار ط الكمباني: " الاستطعام " هنا استخراج الكلام. قال الجوهري: " استطعمه " سأله أن يطعمه، وفي الحديث: إن استطعمكم الامام فأطعموه. انتهى. وفي بعض النسخ بتقديم الميم على العين ولعله تصحيف.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث عشر: باب شهادة عمار رضي الله عنه وظهور بغي الفئة الباغية بعد ما كان أبين من الشمس الضاحية وشهادة غيره من أتباع الأئمة الهادية 7
2 الباب الرابع عشر: باب ما ظهر من إعجازه عليه السلام في بلاد صفين وسائر ما وقع فيها من النوادر 39
3 الباب الخامس عشر: باب ما جرى بين معاوية وعمرو بن العاص في [التحامل على] علي عليه السلام 49
4 الباب السادس عشر: باب كتبه عليه السلام إلى معاوية واحتجاجاته عليه ومراسلاته إليه وإلى أصحابه 57
5 الباب السابع عشر: باب ما ورد في معاوية وعمرو بن العاص وأوليائهما وقد مضى بعضها في باب مثالب بني أمية 161
6 الباب الثامن عشر: باب ما جرى بينه عليه السلام وبين عمرو بن العاص لعنة الله وبعض أحواله 221
7 الباب التاسع عشر: باب نادر 233
8 الباب العشرون: باب نوادر الاحتجاج على معاوية 241
9 الباب الواحد والعشرون: باب بدو قصة التحكيم والحكمين وحكمهما بالجور رأي العين 297
10 الباب الثاني والعشرون: باب اخبار النبي صلى الله عليه وآله بقتال الخوارج وكفرهم 325
11 الباب الثالث والعشرون: باب قتال الخوارج واحتجاجاته صلوات الله عليه 343
12 الباب الرابع والعشرون: باب سائر ما جرى بينه وبين الخوارج سوى وقعة النهران 405
13 الباب الخامس والعشرون: باب إبطال مذهب الخوارج واحتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم عليهم 421
14 الباب السادس والعشرون: باب ما جرى بينه صلوات الله عليه وبين ابن اللواء وأضرابه لعنهم الله وحكم قتال الخوارج بعده عليه السلام 429
15 الباب السابع والعشرون: باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات الله عليه من قتال الخوارج 437
16 الباب الثامن والعشرون: باب سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه 441
17 الباب التاسع والعشرون: باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام ووصاياه إلى عماله وأمراء أجناده 465
18 أبواب الأمور والفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج 531
19 الباب الثلاثون: باب الفتن الحادثة بمصر وشهادة محمد بن أبي بكر ومالك الأشتر رضي الله عنهما وبعض فضائلهما وأحوالهما وعهود أمير المؤمنين عليه السلام إليهما 533