من أموالهم فعما قليل تفارق من ألفت وتترك ما جمعت وتغيب في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد فارقت الأحباب وسكنت التراب وواجهت الحساب غنيا عما خلفت فقيرا إلى ما قدمت والسلام.
قالوا فكتب إليه عبد الله بن عباس أما بعد قد فإنك أكثرت علي ووالله لان ألقى الله قد احتويت على كنوز الأرض كلها من ذهبها وعقيانها ولجينها أحب إلي من أن ألقاه بدم امرء مسلم والسلام.
وقال آخرون وهم الأقلون: هذا لم يكن ولا فارق عبد الله بن عباس عليا عليه السلام ولا باينه ولا خالفه ولم يزل أميرا على البصرة إلى أن قتل علي عليه السلام.
قالوا: ويدل على ذلك ما رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني من كتابه الذي كتبه إلى معاوية من البصرة لما قتل علي عليه السلام وقد ذكرناه من قبل.
قالوا: وكيف يكون ذلك ولم يختدعه معاوية ويجره إلى جهته فقد علمتم كيف اختدع كثيرا من عمال أمير المؤمنين علي عليه السلام واستمالهم إليه بالأموال فمالوا وتركوا أمير المؤمنين عليه السلام فما باله وقد علم النبوة التي (1) حدثت بينهما لم يستمل ابن عباس ولا اجتذبه إلى نفسه وكل من قرء السير وعرف التواريخ يعرف مشاقة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة علي عليه السلام وما كان يلقاه به من قوارع الكلام وشديد الخصام وما كان يثني به على أمير المؤمنين ويذكر خصائصه وفضائله ويصدع به من مناقبه ومآثره فلو كان بينهما غبار أو كدر لما كان به الامر كذلك بل كانت الحال تكون بالضد مما اشتهر من أمرهما وهذا عندي هو الأمثل والأصوب.