الميمنة عليهم ثم الميسرة وثبتوا لهم وقاتلوا قتالا شديدا ثم حمل هو وأصحابه عليهم فصبروا لهم ساعة.
ثم إن النعمان بن صهبان بصر بالخريت فحمل عليه فضربه فصرعه عن فرسه ثم نزل إليه وقد جرحه فاختلفا بينهما ضربتين فقتله النعمان وقتل معه في المعركة سبعون ومائة وذهب الباقون في الأرض يمينا وشمالا.
وبعث معقل الخيل إلى رحالهم فسبا من أدرك فيها رجالا ونساءا وصبيانا ثم نظر فيهم فمن كان مسلما خلاه وأخذ بيعته وخلى سبيل عياله ومن كان ارتد عن الاسلام عرض عليه الرجوع إلى الاسلام أو القتل فأسلموا فخلى سبيلهم وسبيل عيالاتهم إلا شيخا منهم نصرانيا أبى فقتله.
وجمع الناس فقال: أدوا ما عليكم في هذه السنين من الصدقة فأخذ من المسلمين عقالين وعمد إلى النصارى وعيالاتهم فاحتملهم معه وأقبل المسلمون الذين كانوا معهم يشيعونهم فأمر معقل بردهم فلما ذهبوا لينصرفوا تصايحوا ودعا الرجال والنساء بعضهم إلى بعض قال: فلقد رحمتهم رحمة ما رحمتها أحدا قبلهم ولا بعدهم.
وكتب معقل إلى علي عليه السلام: أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين عن جنده وعن عدوهم أنا دفعنا إلى عدونا بأسياف البحر فوجدنا بها قبائل ذات حد وعدد وقد جمعوا لنا فدعوناهم إلى الجماعة والطاعة وإلى حكم الكتاب والسنة وقرأنا عليهم كتاب أمير المؤمنين ورفعنا لهم راية أمان فمالت طائفة منهم إلينا وثبتت طائفة أخرى فقبلنا أمر التي أقبلت وصمدنا إلى التي أدبرت فضرب الله وجوههم ونصرنا عليهم فأما من كان مسلما فإنا مننا عليه وأخذنا بيعته لأمير المؤمنين وأخذنا منهم الصدقة التي كانت عليهم وأما من ارتد فعرضنا عليهم الرجوع إلى الاسلام وإلا قتلناهم فرجعوا إلى الاسلام غير رجل واحد فقتلناه.
وأما النصارى فإنا سبيناهم وأقبلنا بهم ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذمة كيلا يمنعوا الجزية ولا يجترؤا على قتال أهل القبلة وهم للصغار والذلة