الرجل. فنصحت ابن عمه ورجعت إلى بيتي فلما أصبحت وارتفع النهار أتيت أمير المؤمنين عليه السلام وأخبرته خبره فقال عليه السلام: دعه فإن قبل الحق ورجع عرفنا له ذلك وقبلناه منه. فقلت له: يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه؟ فقال: إنا لو فعلنا هذا بكل من نتهم من الناس ملانا السجون منهم ولا أراني يسعني الوثوب بالناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف فقال لي سرا: اذهب إلى منزل الرجل فاعلم ما فعل؟ فأتيت منزله فإذا ليس في منزله ولا منزل أصحابه داع ولا مجيب [فأقبلت إلى أمير المؤمنين عليه السلام بقصتهم] فلما أخبرته عليه السلام قال: أبعدهم الله كما بعدت ثمود أما والله لو قد أشرعت لهم الأسنة وصبت على هامهم السيوف لقد ندموا إن الشيطان قد استهواهم وأضلهم وهو غدا متبرئ منهم ومخل عنهم.
فقام إليه زياد بن خصفة (1) فقال: يا أمير المؤمنين إنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء إلا فراقهم إيانا لم يعظم فقدهم علينا ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليهم من أهل طاعتك فائذن لي في اتباعهم حتى نردهم عليك إن شاء الله.
فقال له عليه السلام فأخرج في آثارهم رشيدا ثم قال: أخرج رحمك الله حتى تنزل دير أبي موسى ثم لا تبرحه حتى يأتيك أمري وسأكتب إلى من حولي من عمالي فيهم فكتب نسخة واحدة وأخرجها إلى العمال:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرء عليه كتابي هذا من العمال أما بعد فإن رجالا لنا عندهم تبعة خرجوا هرابا نظنهم خرجوا نحو بلاد البصرة فسل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك ثم اكتب إلي بما ينتهي إليك عنهم.