وترك طريق الفرات فدنا من الراهب فهتف به وأشرف إليه قال: أقرب صومعتك ماء؟ قال: لا فثنى رأس بغلته فنزل في موضع فيه رمل وأمر الناس أن يحفروا الرمل فحفروا فأصابوا تحته صخرة بيضاء فاجتمع ثلاثمائة رجل فلم يحركوها فقال عليه السلام: تنحوا فإني صاحبها ثم أدخل يده اليمنى تحت الصخرة فقلعها من موضعها حتى رآها الناس على كفه فوضعها ناحية فإذا تحتها عين ماء أرق من الزلال وأعذب من الفرات فشرب الناس واستقوا وتزودوا ثم رد الصخرة إلى موضعها وجعل الرمل كما كان وجاء الراهب فأسلم وقال: إن أبي أخبرني عن جده وكان من حواري عيسى أن تحت هذا الرمل عين ماء وأنه لا يستنبطها إلا نبي أو وصي نبي وقال لعلي عليه السلام: أتأذن لي أن أصحبك في وجهك هذا قال عليه السلام: ألزمني ودعا له ففعل فلما كان ليلة الهرير قتل الراهب فدفنه بيده وقال عليه السلام لكأني أنظر إليه وإلى منزله في الجنة ودرجته التي أكرمه الله بها.
384 - الخرائج: روي أنه لما طال المقام بصفين شكوا إليه نفاد الزاد والعلف بحيث لم يجد أحد من أصحابه شيئا يؤكل فقال عليه السلام طيبوا نفسا فإن غدا يصل إليكم ما يكفيكم فلما أصبحوا وتقاضوه صعد عليه السلام على تل كان هناك ودعا بدعاء سأل الله أن يطعمهم ويعلف دوابهم ثم نزل ورجع إلى مكانه فما استقر إلا وقد أقبلت العير بعد العير عليها اللحمان والتمر والدقيق والمير بحيث امتلأت بها البراري وفرغ أصحاب الجمال جميع الأحمال من الأطعمة وجميع ما معهم من علف الدواب وغيرها من الثياب وجلال الدواب وجميع ما يحتاجون إليه حتى الخيط والمخيط ثم انصرفوا ولم يدر أحد من أي البقاع وردوا من الانس أم من الجن وتعجب الناس من ذلك.
385 - الخرائج: روى علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام يريد صفين فلما عبر الفرات وقرب من الجبل وحضر وقت صلاة العصر أمعن بعيدا ثم توضأ فأذن فلما فرغ من الاذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء ولحية ووجه أبيض فقال: