فإنك جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته فاتبعت أثره وطلبت فضله اتباع الكلب للضرغام يلوذ إلى مخالبه وينتظر ما يلقى إليه من فضل فر؟ سته فأذهبت دنياك وآخرتك ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت فإن يمكن الله منك ومن ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما وإن تعجزا وتبقيا فما أمامكما شر لكما والسلام.
بيان: إلى الأبتر إشارة إلى قوله تعالى * (إن شانئك هو الأبتر) * فإنه نزل فيه.
قال ابن أبي الحديد: أما غي معاوية فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه.
وأما مهتوك ستره فإنه كان كثير الهزل والخلاعة صاحب جلساء وسمار ومعاوية لم يتوقر ولم يلزم قانون الرياسة إلا منذ خرج على أمير المؤمنين واحتاج إلى الناموس والسكينة وإلا فقد كان في أيام عثمان شديد التهتك موسوما بكل قبيح وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلا منه إلا أنه كان يلبس الحرير ويشرب في آنية الذهب والفضة ويركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها وعليها جلال الديباج والوشي وكان حينئذ شابا عنده نزق الصبا وأشر الشبيبة وسكر السلطان والامرة ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيام عثمان بالشام فأما بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام واستقرار الامر له فقد اختلف فيه فقيل إنه شرب الخمر في سر وقيل: لم يشرب ولا خلاف في أنه سمع الغناء وطرب عليه وأعطى ووصل عليه أيضا.
وأما قوله " يشين الكريم بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته " فالامر كذلك لأنه لم يكن في مجلسه إلا شتم بني هاشم وقذفهم والتعرض بذكر الاسلام والطعن عليه وإن أظهر الانتماء إليه.