فثنى علي عنان فرسه إليه فبدره ابن خلف بضربة فأخذها علي في جحفته ثم عطف عليه بضربة أطار بها يمينه ثم ثنى بأخرى أطار بها قحف رأسه واستعر الحرب حتى عقر الجمل فسقط وقد احمرت البيداء بالدماء وخذل الجمل وحزبه، وقامت النوادب بالبصرة على القتلى.
وكان عدة من قتل من جند الجمل ستة عشر ألفا وسبعمائة وتسعين إنسانا وكانوا ثلاثين ألفا فأتى القتل على أكثر من نصفهم وقتل من أصحاب علي عليه السلام ألف وسبعون رجلا وكانوا عشرين ألفا.
وكان محمد بن طلحة المعروف بالسجاد قد خرج مع أبيه وأوصى علي (عليه السلام) أن لا يقتله من عساه أن يظفر به وكان شعار أصحاب علي (عليه السلام) " حم " فلقيه شريح بن أوفى العبسي من أصحاب علي (عليه السلام) فطعنه فقال: " حم " وقد سبق - كما قيل - السيف العذل فأتى على نفسه وقال شريح هذا:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلم شككت بصدر الرمح حبيب قميصه * فخر صريعا لليدين وللفم على غير شئ غير أن ليس تابعا * عليا ومن لم يتبع الحق يندم يذكرني " حم " والرمح شاجر * فهلا تلا " حم " قبل التقدم وجاء علي حتى وقف عليه وقال: هذا رجل قتله بره بأبيه.
وكان مالك الأشتر قد لقي عبد الله بن الزبير في المعركة ووقع عبد الله إلى الأرض والأشتر فوقه فكان ينادي: اقتلوني ومالكا. فلم ينتبه أحد من أصحاب الجمل لذلك ولو علموا أنه الأشتر لقتلوه ثم أفلت عبد الله من يده وهرب.
فلما وضعت الحرب أوزارها ودخلت عائشة إلى البصرة دخل عليها عمار بن ياسر ومعه الأشتر فقالت: من معك يا أبا اليقظان؟ فقال: مالك الأشتر. فقالت: أنت فعلت بعبد الله ما فعلت؟ فقال: نعم ولولا كوني شيخا كبيرا وطاويا لقتلته وأرحت المسلمين منه. قالت: أو ما سمعت قول النبي