ألا وإن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ومن لم يقتل يمت فإن أفضل الموت القتل والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش.
ثم رفع يده إلى السماء وقال: اللهم إن طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله ولا تمهله وإن الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم أنه ظالم لي اللهم فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت.
ثم تقاربوا وتعبوا لابسي سلاحهم ودروعهم متأهبين للحرب كل ذلك وعلي (عليه السلام) بين الصفين عليه قميص ورداء وعلى رأسه عمامة سوداء وهو راكب على بغلة.
فلما رأى أنه لم يبق إلا مصافحة الصفاح والمطاعنة بالرماح صاح بأعلى صوته أين الزبير بن العوام فليخرج إلي فقال الناس: يا أمير المؤمنين أتخرج إلى الزبير وأنت حاسر وهو مدجج في الحديد؟ فقال عليه السلام: ليس علي منه بأس.
ثم نادى ثانية فخرج إليه [الزبير] ودنا منه حتى واقفه فقال له علي: يا أبا عبد الله ما حملك على ما صنعت؟ فقال الطلب بدم عثمان!! فقال: أنت وأصحابك قتلتموه فيجب عليك أن تقيد من نفسك!! ولكن أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) أما تذكر يوما قال لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا زبير أتحب عليا؟ فقلت: وما يمنعني من حبه وهو ابن خالي؟! فقال لك: أما أنت فستخرج عليه يوما وأنت له ظالم. فقال الزبير: اللهم بلى فقد كان ذلك.
فقال علي (عليه السلام): فأنشدك الله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) أما تذكر يوما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عند ابن عوف وأنت معه وهو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك في وجهي فضحكت أنا إليه فقلت: أنت لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبدا فقال لك النبي (صلى الله عليه وآله) مهلا يا زبير فليس به زهو ولتخرجن