وقد بايع الناس ذا بدرة * يزيل الشبا ويقيم الصغر (1) وتلبس للحرب أثوابها * وما من وفا مثل من قد غدر فانصرفت [عائشة] إلى مكة فقصدت الحجر فاجتمع الناس إليها فقالت:
أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس ونقموا عليه استعمال من حدث سنه - وقد استعمل أمثالهم من قبله - ومواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم ونزع لهم عنها، فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام، والله لإصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم!! ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه والثوب من ذرنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء.
فقال عبد الله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكة: ها أنا أول طالب بدمه - فكان أول مجيب - وتبعه بنو أمية وكانوا هربوا من المدينة بعد قتل عثمان إلى مكة فرفعوا رؤوسهم وكان أول ما تكلموا بالحجاز وتبعهم سعيد بن العاص والوليد بن عتبة [و] سائر بني أمية.
وقدم عليهم عبد الله بن عامر من البصرة بمال كثير ويعلى بن منية من اليمن ومعه ست مائة بعير وستة آلاف دينار فأناخ بالأبطح.