الحديث إلى قوله: " وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومكان أهلك ثم عدلوا بهذا الامر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منا ومنكم، فاعترض كلامه عمر وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الامر من أصعب جهاته، فقال إي والله، وأخرى أنا لم نأتكم حاجة إليكم، و لكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم " وساق الحديث إلى قوله: " وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ما تقدمنا في أمركم فرطا، ولا حللنا منكم وسطا ولا برحنا شحطا، فإن كان هذا الامر يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين، وما أبعد قولك إنهم طعنوا عليك من قولك إنهم مالوا إليك، وأما ما بذلت لنا، فان يكن حقك أعطيتناه، فأمسكه عليك " إلى قوله " والله المستعان " (1).
قال الفيروزآبادي: ترب كفرح خسر وافتقر، ويداه لا أصاب خيرا، وقال خبطه يخبطه ضربه شديدا والقوم بسيفه جلدهم، والشيطان فلانا مسه، وقال الجزري الرسل بالكسر التؤدة والتأني، يقال افعل كذا وكذا على رسلك بالكسر أي اتئد فيه، قوله: " ما تقدمنا في أمركم فرطا " أي لم نختر لكم رأيا وأمرا كالفرط الذي يتقدم القوم يرتاد لهم المكان، ولا حللنا وسط مجالسكم عند المشاورة والمحاروة " ولا برحنا شحطا " أي ما زلنا كنا مبعدين عنكم وعن رأيكم، ومن سحط كمنع وفرح أي بعد، وفي بعض النسخ " ولا نزحنا " بالنون والزاي المعجمة، فهو إما من نزح بمعنى بعد، والشحط بمعنى السبق أي لم نتكلم معكم حتى نسبقكم في الرأي ونبعد عنكم فيه، أو من الشحط بمعنى العبد أيضا أي لم نكن منكم في مكان بعيد يكون ذلك عذرا لكم في ترك مشورتنا، أو من نزح البئر والشحط بمعنى الدلو المملو من قولهم شحط الاناء أي ملاه أي لم نعمل في أمركم رأيا مصيبا، و في بعضها بالتاء والراء المهملة أي لم نحزن ولم نهتم لمفارقتكم عنا وتباعدكم منا