بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٢٨
أتريد أن ترملني من زوجي؟ والله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري، ولأشقن جيبي، ولآتين قبر أبى، ولأصيحن إلى ربى، فأخذت بيد الحسن والحسين (عليهما السلام) وخرجت تريد قبر النبي (صلى الله عليه وآله).
فقال علي (عليه السلام) لسلمان: أدرك ابنة محمد، فانى أرى جنبتي المدينة تكفئان والله إن نشرت شعرها وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها، ولا يناظر بالمدينة أن يخسف بها [وبمن فيها] فأدركها سلمان رضي الله عنه فقال: يا بنت محمد إن الله إنما بعث أباك رحمة، فارجعي، فقالت: يا سلمان يريدون قتل علي ما علي صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي، فأنشر شعري، وأشق جيبي، وأصيح إلى ربي، فقال سلمان: إني أخاف أن يخسف بالمدينة وعلي بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى بيتك، وتنصرفي، فقالت إذا أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع.
قال: فأخرجوه من منزله ملببا ومروا به على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
فسمعته يقول: " يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " (1) وجلس أبو بكر في سقيفة بنى ساعدة، وقدم علي (عليه السلام) فقال له عمر: بايع، فقال له علي (عليه السلام): فان أنا لم أفعل فمه؟ فقال له عمر: إذا أضرب والله عنقك، فقال له على: إذا والله

(1) اقتباس من كلامه تعالى في قصة هارون في سورة الأعراف: 149: " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدى أعجلتم أمر ربكم وألقى لا لواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال: يا ابن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين " وذلك لأنه (عليه السلام) كان من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنزلة هارون من موسى وقد جرى له بعد رحلة الرسول مثل ما جرى على هارون بعد غيبة موسى (عليه السلام) في الطور، من تغلب السامري بعجلة وفساد قومه ورجوعهم القهقرى إلى الشرك، فكلامه (عليه السلام) هذا مقتبسا من كلام الله العزيز نفثة مصدورة يحقق لنا مقال الرسول الكريم: " لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست