بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢١٧
وقف وتحبس، ومنه قولهم أربع على نفسك، وأربع على ظلعك أي ارفق بنفسك وكف ولا تحمل عليها أكثر مما تطيق، وقال الجزري في الحديث فإنه لا يربع على ظلعك من ليس يحزنه أمرك، الظلع بالكسر العرج، وقد ظلع يظلع ظلعا فهو ظالع، والمعنى لا يقيم عليك في حال ضعفك وعرجك إلا من يهتم لأمرك وشأنك ويحزنه أمرك انتهى.
والفتر بالكسر ما بين طرف الابهام وطرف المسبحة أي كما أن فترك لا يمكن أن يكون بقدر شبرك، فكذا مراتب الرجال تختلف بحسب القابلية، ولا يمكن للأدنى الترقي إلى درجة الاعلى، والأوغاد جمع وغد، وهو الرجل الدني الذي يخدم بطعام بطنه، قوله: " وأدرك نفسك " في شف " وتدارك نفسك قبل أن لا تداركها وادفع هذا الامر إلى من هو أحق به منك " وليس فيه قول عبد الله بن مسعود، وعدم كون ابن مسعود بين هؤلاء أظهر وأوفق بسائر ما نقل في أحواله (1) .

(١) روى الكشي في ص ٣٨ أنه سئل الفضل بن شاذان عن ابن مسعود وحذيفة، فقال: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود، لان حذيفة كان ركنا وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم.
أقول: كان في ابتداء أمره عثمانيا روى ابن سعد في الطبقات ج ٣ ق ١ ص ٤٣ قال أخبرنا عفان بن مسلم باسناده عن أبي وائل أن ابن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانيا حين استخلف عثمان فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مات فلم نر يوما أكثر نشيجا من يومئذ وانا اجتمعنا أصحاب محمد فلم نسأل عن خبرنا ذي فوق فبايعنا أمير المؤمنين عثمان فبايعوه وترى مثله في مستدرك الصحيحين ٣ / ٩٧، مجمع الزوائد ٩ / 88، تاريخ الخلفاء: 60 وكلامه هذا متواتر عنه.
لكنه رجع عنه ولعنه بعد ما أحدت الاحداث، روى الفضل بن شاذان في الايضاح 57 بروايته عن العامة أن ابن مسعود قال عند وفاته: يا أصحاب رسول الله أنشدكم الله هل سمعتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: رضيت لامتي بما رضى لها ابن أم عبد؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم إني لا ارتضى عثمان لهذه الأمة، وروى أبو هلال العسكري في جمهرة الأمثال 47 ط بمبئي قيل لعبد الله بن مسعود وهو ينال من عثمان: بايعتم رجلا ثم أنشأتم تشتمونه؟ فقال: والله ما ألونا ان بايعنا أعلانا ذا فوق غير أنه أهلكه شح النفس وبطانة السوء، قال: أفلا تغيرون؟
قال: فما أبالي أجبلا راسيا زاولت أم ملكا مؤجلا حاولت، لوددت أنى وعثمان برمل عالج يحثى كل واحد على صاحبه حتى يموت الأعجل.
قلت: الحديث ذو شجون وسيأتي تمام الكلام في الأبواب الآتية
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست