بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٨٩
إذا خيف عليها لطولها أو كثرة حملها أن تقع ورجبتها فهي مرجبة، والعذيق تصغير العذق بالفتح وهو تصغير تعظيم، وقد يكون ترجيبها بأن يجعل حولها شوك لئلا يرقي إليها، ومن الترجيب أن تعمد بخشبة ذات شعبتين، وقيل أراد بالترجيب التعظيم يقال رجب فلان مولاه أي عظمه انتهى.
أقول: فعلى الأول التشبيه بالعذيق المخصوص إما لرفعته وكثرة حمله لما ينفع الناس من الآراء المتينة بزعمه، أو لأنه يحتاج إلى من يعينه لينتفع به، ويقال حطمه أي ضرب أنفه، وهاتره: سابه بالباطل، والواضحة الأسنان تبد و عند الضحك، ويقال زأر الأسد زئيرا إذا صاح وغضب، وحوران بالفتح موضع بالشام، وفي القاموس أعطاه مقادته انقاد له، والذرابة حدة اللسان، وباء إليه رجع وبذنبه بوءا احتمله واعترف به، وفلان مضطلع على الامر أي قوي عليه.
2 - الإحتجاج: عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: نعم كان الذي أنكر على أبى بكر اثنى عشر رجلا من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر، وبريدة الأسلمي; ومن الأنصار أبو الهيثم بن التيهان، وسهل وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري.
قال: فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم فقال بعضهم لبعض: والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال الآخرون منهم: والله لئن فعلتم ذلك إذا لأعنتم على أنفسكم، وقد قال الله عز وجل: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (1) فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) لنستشيره ونستطلع رأيه، فانطلق

(١) البقرة: ١٩٥ وتمام الآية. " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين " وظاهر الآية في الانفاق صدرا وذيلا فيجب أن في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمناشدة في الرحبة، فان شهادة اثنى عشر وكتمان بعض آخرين كانس وزيد بن أرقم هذا كان في مناشدة الرحبة.
وكيف كان فقد وقعت المناشدة بحديث الغدير مرات، يوم الشورى، أيام عثمان، يوم الرحبة، يوم الجمل وغير ذلك، ترى تفضيلها في كتاب الغدير للعلامة الأميني قدس الله سره ج ١ ص ١٥٩ - ١٩٦، إحقاق الحق بذيل العلامة المرعشي - دام ظله ج 6 ص 318 - 340.
فان الله يحب المحسنين ولا يحب الهالكين لأنفسهم المخاطرين بها.
وكيف كان، ليس المراد بالتهلكة الانتحار أو القاء بنفسه في صفوف الأعداء عازما على القتل، بل التهلكة والهلاكة إنما يصدق في مورد يكون الانسان حيا لكنه صار كلا حي كالتاجر يفلس فيصير هالكا والانسان يرتكب أمرا عظيما يؤل أمره إلى الهلاك شرعا في الآخرة أو حكما عرفيا في الدنيا كما نص معاجم اللغة أن التهلكة هي كل ما عاقبته الهلاك.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست