فأظهرت أني كنت أتمناه على ربي وأديت (1) له فرحا بمزاملته ووطنت نفسي أن أكون عبدا له وأخدمه، كل ذلك فرقا منه، قال: فإذا كل شئ وطنت نفسي عليه من خدمته والعبودية له قد بادرني إليه.
فلما بلغنا المدينة قال: يا هذا إن لي عليك حقا ولي بك حرمة، فقلت:
حقوق وحرم، قال: قد عرفت أين تنحو فاستأذن لي على صاحبك، قال فبهت (2) أن أن أنظر في وجهه، ولا أدري (3) بما أجيبه، قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته عن الرجل وجواره مني وأنه من أهل الخلاف وقصصت عليه قصته إلى أن سألني الاستيذان عليك فما أجبته إلى شئ، قال: فأذن له، قال: فلم اوت شيئا من أمور الدنيا كنت به أشد سرورا من إذنه ليعلم مكاني منه.
قال: فجئت بالرجل فأقبل عليه أبو عبد الله عليه السلام بالترحيب ثم دعا له بالمائدة وأقبل لا يدعه يتناول إلا مما كان يتناوله، ويقول له: أطعم رحمك الله حتى إذا رفعت المائدة، قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبلنا نسمع (4) منه أحاديث لم أطمع أن أسمع مثلها من أحد يرويها على أبي عبد الله.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام في آخر كلامه: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية (5)) فجعل لرسول الله صلى الله عليه وآله من الأزواج والذرية مثل ما جعل للرسل من قبله، فنحن عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته، أجرى الله لآخرنا مثل ما أجرى لأولنا، قال: ثم قمنا فلم تمر بي ليلة أطول منها (6).