من شرف عطاياك وعظيم فضلك وحنانك وكذلك من كرمت من عبادك المرسلين.
قال الله تبارك وتعالى: إني أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم العزيز الحكيم عالم الغيوب ومضمرات القلوب، أعلم ما لم يكن مما يكون كيف يكون، وما لا يكون لو كان كيف يكون.
وإني اطلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي فلم أر فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من أنبيائي ورسلي، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي، وألزمتهم عبء (1) حجتي، واصطفيتهم على البرايا برسالتي ووحيي، ثم ألقيت مكاناتهم تلك في منازلهم قلوب حوامهم وأوصيائهم من بعد، فألحقتهم بأنبيائي ورسلي، وجعلتهم من ودائع حجتي والاساة (2) في بريتي، لاجبر بهم كسر عبادي وأقيم بهم أودهم (3)، ذلك أني بهم وبقلوبهم لطيف وخبير.
ثم اطلعت على قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من محمد خيرتي وخالصتي، فاخترته على علمي ورفعت ذكره إلى ذكري، ثم وجدت كذلك قلوب حامته اللائي من بعده على صفة قلبه فألحقتهم به وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأركان (4) حكمتي ونوري، وآليت بي أن لا أعذب بناري من لقيني معتصما بتوحيدي وحبل مودتهم أبدا.
قال آدم: فما هاتان الثلتان العظيمتان؟ قال الله تقدس اسمه: هؤلاء أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أدركت نبيها في علمه فآمنت به واتبعت فألبستها نورا من نوري، ثم الذي يلونهم كذلك حتى أرث الأرض ومن عليها ولهم قيها قسمت لهم من فضلي ورحمتي منازل شتى فأفضلهم سابقهم إذا كان أعلمهم بي وأعملهم بطاعتي.