فأقبلوا حتى ملأوا البقاع (1) والاكم، وإذا هم أقبح شئ هيئة وصورا وأنتنه ريحا.
فبهر آدم (عليه السلام) ما رأى من ذلك، فقال: يا عالم الغيوب ويا غافر الذنوب ويا ذا القدرة الباهرة والمشية الغالبة من هذا السعيد الذي كرمت ورفعت على العالمين؟ ومن هذه الأنوار المنيفة المكتنفة له؟
فأوحى الله عز وجل إليه: يا آدم هؤلاء وسيلتك ووسيلة من أسعدت من خلقي هؤلاء السابقون المقربون والشافعون المشفعون، وهذا أحمد سيدهم وسيد بريتي اخترته بعلمي واشتققت اسمه من اسمي، فأنا المحمود وهذا أحمد، (2) وهذا صنوه ووصيه ووارثه، وجعلت بركاتي وتطهيري في عقبه وهي (3) سيدة إمائي، والبقية في علمي من أحمد نبيي، وهذان السبطان والخلفان لهم، وهذه الأعيان المضارع نورها (4) أنوارهم بقية منهم، ألا إن كلا اصطفيت وطهرت، وعلى كل باركت وترحمت، وكلا بعلمي جعلت قدوة عبادي ونور بلادي.
ونظر إلى شيخ في آخرهم يزهر في ذلك الصفيح كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا، فقال تبارك وتعالى: وبعبدي هذا السعيد أفك عن عبادي الأغلال، وأضع عنهم الآصار، وأملا الأرض حنانا ورأفة وعدلا كما ملئت من قبله قسوة وشقوة وجورا.
قال آدم: يا رب إن الكريم كل الكريم من كرمت، وإن الشريف كل الشريف من شرفت، وحق يا إلهي لمن رفعت (5) وأعليت أن يكون كذلك، فيا ذا النعم الذي لا ينقطع والاحسان الذي لا ينفذ، بم بلغ (6) هؤلاء العالون (7) هذه المنزلة