بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٤
إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا، فأعطاه رسول الله صلى الله وعليه وآله سيفه، ثم أدبر، ثم أقبل بوجهه، ثم قال: والله لانت خير مني، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أحق بذلك (1)، فأتى قومه، فقيل له: أينما كنت تقول وقد أمكنك والسيف في يدك؟ قال: قد كان والله ذلك، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري، فعرفت أنه ملك، وشهدت أن محمدا رسول الله، والله لا أكثر عليه، وجعل يدعو قومه إلى الاسلام ونزلت هذه الآية: " يا أيها الذين (2) آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم " الآية (3).
ثم كانت غزوة (4) القردة (5): ماء من مياه نجد بعث رسول الله صلى الله عليه وآله زيد بن حارثة بعد رجوعه من بدر إلى المدينة بستة أشهر (6) فأصابوا عير القريش على القردة فيها أبو سفيان ومعه فضة كثيرة، وذلك لان قريشا (7) قد خافت طريقها التي كانت تسلك إلى الشام حين كان من وقعة بدر، فسلكوا طريق العراق، واستأجروا رجلا من بكر بن وائل يقال له: فرات بن حيان يدلهم على الطريق، فأصاب زيد بن حارثة تلك العير وأعجزته الرجال هربا.
وفي رواية الواقدي: أن ذلك العير مع صفوان بن أمية (8)، وأنهم قدموا

(١) منك خ ل.
(٢) المائدة: ١١.
(٣) في الامتاع: وعاد صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فكانت غيبته أحد عشرة ليلة.
(٤) أراد سرية زيد بن حارثة. والمتداول في السير التعبير بالغزوة في حروب حضرها النبي صلى الله عليه وآله بنفسه، وبالسرية فيما كان لم يحضر.
(٥) والقردة: من ارض نجد بين الربذة والغمرة ناحية ذات عرق.
(٦) في الامتاع: سار [أي زيد] لهلال جمادى الآخرة على رأس سبعة وعشرين شهرا.
(٧) في المصدر: وذلك أن قريشا.
(٨) اختار الأول ابن إسحاق على ما في سيرة ابن هشام ٢: ٤٢٩، واختار الثاني المقريزي في الامتاع: ١١٢ وقال في شرح ذلك: نكب صفوان بن أمية عن الطريق، وسلك على جهة العراق يريد الشام بتجارة فيها أموال لقريش، خوفا من رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعترضها، فقدم نعيم بن مسعود الأشجعي على كنانة بن أبي الحقيق في بنى النضير فشرب معه، ومعهم سليط ابن النعمان يشرب، ولم تكن الخمر حرمت، فذكر نعيم خروج صفوان في عيره وما معهم من الأموال، فخرج سليط من ساعته وأخبر النبي صلى الله وعليه وآله، فأرسل زيد بن الحارثة في مائة راكب فأصابوا العير وأفلت أعيان القوم فقدموا بالعير فخمسها رسول الله صلى الله عليه وآله فبلغ الخمس عشرين ألف درهم، وقسم ما بقي على أهل السرية.
(٤)
الفهرست