فنفق (1) منصرفه من حجة الوداع، وأما البغلة فبقيت إلى زمان معاوية.
وأما قيصر وهو هرقل ملك الروم فإنه أصبح يوما مهموما، فقالت له بطارقته (2) في ذلك، فقال: أجل أريت في هذه الليلة أن ملك الختان صار ظاهرا، قالوا:
ما نعلم أمة تختتن إلا يهود، وهم في سلطانك: وسألوه أن يقتلهم جميعا فيستريح، فبينا هم في ذلك من رأيهم إذ أتاهم (3) رسول صاحب بصرى برجل من العرب يقوده فقال: أيها الملك إن هذا من العرب، يحدث عن أمر حدث ببلاده عجب، فقال هرقل لترجمانه: سله ما هذا الحدث الذي كان ببلاده، فسأله فقال: خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي، فاتبعه ناس، وخالفه الآخرون، وكانت بينهم ملاحم فتركتهم على ذلك، قال: جردوه، فجردوه فإذا هو مختون، فقال هرقل: هذا والله الذي رأيت، أعطوه ثوبه انطلق (4) ثم دعا صاحب شرطته فقال: قلب لي الشام ظهرا وبطنا حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وآله، قال أبو سفيان وكنت قد خرجت في تجارة في زمن الهدنة فهجم علينا صاحب شرطته، فقال: أنتم من قوم هذا الرجل؟ فقلنا: نعم فدعانا.
وبإسنادي في سماع البخاري إليه بإسناده عن عبد الله بن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوهم بإيليا (5) فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا ترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا، فقال: ادنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوه (6) عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل