بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٨٦
لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الايمان حين يخالط بشاشة القلوب، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بما يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاه، ولو كنت عنده لغسلت قدمه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى (1) فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه:
" بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله عبده ورسوله إلى هرقل عظيم الروم وسلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم، أسلم (2) يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين (3)، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ".
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات فأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله على الاسلام (4).

(1) بصرى بالضم والقصر: موضع بالشام من اعمال دمشق، وهي قصبة كورة حران.
(2) خلى المصدر عن كلمة (أسلم) الثانية.
(3) في الطبعة الحروفية: الاريسيين، ويأتي ذلك أيضا في بيان المصنف (4) قال اليعقوبي في تاريخه 2: 62: فكتب هرقل: " إلى احمد رسول الله الذي بشر به عيسى من قيصر ملك الروم، انه جاءني كتابك مع رسولك، وانى اشهد انك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل بشرنا بك عيسى بن مريم، وانى دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا ولو أطاعوني لكان خيرا لهم، ولوددت انى عندك فأخدمك واغسل قدميك " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
يبقى ملكهم ما بقي كتابي عندهم.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست