بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٧٥
والنساء يبكون في وجهه، فرق لهم، فقالوا: يا با لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، قال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله لا يطأ بني قريظة أبدا، ولا يراني (1) الله في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا، (2) فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله خبره وأبطأ عليه (3) قال:
" أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، فأما إذا فعل (4) ما فعل ما أنا بالذي أطلقه عن مكانه حتى يتوب الله عليه " ثم إن الله أنزل توبة أبي لبابة على رسول الله صلى الله عليه وآله (5) وهو في بيت أم سلمة، قالت أم سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يضحك، فقلت:
مم تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنك، قال: تيب على أبي لبابة، فقلت: ألا أبشره بذلك يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت، قال: فقامت على باب حجرتها و ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، فقالت: يا با لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، قال:
فثار الناس عليه ليطلقوه، قال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله خارجا إلى الصبح أطلقه (6).

(1) في السيرة: وأعاهد الله ان لا أطأ بني قريظة ابدا، ولا أرى خ ل.
(2) زاد ابن هشام في السيرة من غير طريق ابن إسحاق: فأنزل الله تعالى في أبى لبابة فيما قال سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي قتادة: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ".
(3) في السيرة: وكان قد استبطأه.
(4) في السيرة: فاما إذ قد فعل ما فعل.
(5) زاد في السيرة: من السحر.
(6) زاد في السيرة من غير طريق ابن إسحاق: أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، فيما حدثني بعض أهل العلم، والآية التي نزلت في توبته: قول الله عز وجل: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم ". وفي الامتاع: 245: فكان كذلك (أي مرتبطا) خمس عشرة ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد استعمله على القتال فاستعمل بدله أسيد بن حضير.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست