بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦٣
الله صلى الله عليه وآله إلى موضع السوق اليوم فخندق فيه خنادق (1)، وحضر أمير المؤمنين عليه السلام ومعه المسلمون وأمر بهم أن يخرجوا، وتقدم إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن يضرب أعناقهم في الخندق، فاخرجوا إرسالا، وفيهم حيي بن أخطب وكعب بن أسد، وهما إذ ذاك رئيسا القوم، فقالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ فقال: في كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، ومن ذهب منكم لا يرجع، هو والله القتل، وجئ بحيي بن أخطب مجموعة يداه إلى عنقه، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أما والله ما لمت نفسي على عداوتك، ولكن من يخذل الله يخذل، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنه لابد من أمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل، ثم أقيم بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول: قتلة شريفة بيد شريف: فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن خيار الناس يقتلون شرارهم، وشرارهم (2) يقتلون خيارهم، فالويل لمن قتله الأخيار الاشراف، والسعادة لمن قتله الأرذال الكفار، فقال:
صدقت لا تسلبني حلتي، فقال: هي أهون علي من ذاك، فقال: سترتني سترك الله، ومد عنقه فضربها علي عليه السلام ولم يسلبه من بينهم، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام لمن جاء به: ما كان يقول حيي وهو يقاد إلى الموت؟ قال (3) كان يقول (4):
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه * ولكنه من يخذل الله يخذل فجاهد حتى بلغ النفس جهدها * وحاول يبقى العز كل مقلقل (5) فقال أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام:

(1) الخندق هنا بمعنى الحفيرة وهو معرب كنده، ويقال له بالفارسية: كودال.
(2) شرار الناس خ ل.
(3) قال خ ل.
(4) قدمنا ان ابن هشام قال: الشعر لغيره وهو جبل بن جوال الثعلبي.
(5) في السيرة:
لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها * وقلقل يبغي العز كل مقلقل أقول: قلقل: تحرك وفي المصدر: كل مغلغل بالغين المعجمة.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست