بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢١٠
ثم قال في غزوة بني قريظة: روى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: لما انصرف النبي صلى الله عليه وآله مع المسلمين عن الخندق و وضع عنه اللامة واغتسل واستحم تبدى (1) له جبرئيل فقال: عذيرك من محارب (2)، ألا أراك قد وضعت عنك اللامة، وما ضعناها بعد، فوثب رسول الله صلى الله عليه وآله فزعا، فعزم على الناس أن لا يصلوا صلاة العصر حتى يأتوا قريظة. فلبس الناس السلاح فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس واختصم الناس، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله عزم علينا أن لا نصلي حتى نأتي قريظة، وإنما نحن في عزمة رسول الله صلى الله عليه وآله فليس علينا إثم، وصلى طائفة من الناس احتسابا، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس، فصلوها حين جاؤوا من بني قريظة احتسابا فلم يعنف رسول الله صلى الله عليه وآله واحدا من الفريقين.
وذكر عروة أنه بعث علي بن أبي طالب عليه السلام على المفدم، ودفع إليه اللواء، وأمره أن ينطلق حتى يقف بهم على حصن بني قريظة، ففعل، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله على آثارهم فمر على مجلس من أنصار في بني غنم ينتظرون رسول - الله صلى الله عليه وآله، فزعموا أنه قال: مر بكم الفارس آنفا؟ فقالوا: مر بنا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس ذلك بدحية، ولكنه جبرئيل عليه السلام أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم، ويقذف في قلوبهم الرعب، قالوا:
وسار علي عليه السلام حتى إذا دنا من الحصن سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وآله، فرجع حتى لقى رسول الله صلى الله عليه وآله بالطريق: فقال: يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث، قال: أظنك سمعت لي منهم أذى، فقال: نعم يا رسول الله، فقال: لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وآله من حصنهم قال: " يا إخوة القردة والخنازير هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته "؟ فقالوا:
يا أبا القاسم ما كنت جهولا، وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وآله خمسا وعشرين ليلة حتى

(1) أي ظهر.
(2) أي من يعذرك منه أي يلومه ولا يلومك.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست