بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢١١
أجهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وكان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان، فلما أيقنوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله غير منصرف عنهم حتى يناجز (1)، قال كعب بن أسد: يا معشر اليهود قد نزل بكم من الامر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخيروا (2) أيها شئتم، قالوا:
ما هن؟ قال: نبايع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل، و أنه الذي تجدونه في كتابكم فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم، فقالوا:
لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره، قال: فإذا أبيتم علي هذا فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد رجالا مصلتين بالسيوف لم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك لم نترك وراءنا نسلا يهمنا (3)، و إن نظهر لنجدن النساء والأبناء، فقالوا: نقتل هؤلاء المساكين؟ فلا خير في العيش بعدهم، قال: فإذا أبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت، وعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا فيها (4)، فانزلوا فلعلنا نصيب منهم غرة، فقالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيها ما أحدث من كان قبلنا فأصابهم ما قد علمت من المسخ، فقال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.
قال الزهري: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين سألوه أن يحكم فيهم رجلا:
اختاروا من شئتم من أصحابي، فاختاروا سعد بن معاذ، فرضي بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ونزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بسلاحهم: فجعل في قبة (5) وامر بهم فكتفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أسامة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى سعد

(1) في المصدر: حتى يناجزهم.
(2) فخذوا خ ل فخبروا خ ل أقول: في المصدر: فخذوا.
(3) في المصدر: فان نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا يهمنا. أقول: ذكره كذلك ابن هشام في السيرة الا أنه قال: نخشى عليه. مكان يهمنا.
(4) في السيرة: قد امنونا فيها.
(5) في المصدر: في قبته.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست