وأريد أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك، أتحسن في ذلك؟ فقال: نعم، ارهنوني نساءكم قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم؟ فيقال: رهن بوسق أو وسقين، هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللامة، يعني السلاح، وأراد بذلك أن لا ينكر السلاح إذا أتوه به، فواعده أن يأتيه، فأتى أصحابه وأخبرهم، فأخذوا السلاح و ساروا إليه، وتبعهم (1) النبي صلى الله عليه وآله إلى بقيع الغرقد، ودعا لهم، فلما انتهوا إلى الحصن هتف به أبو نائلة، وكان كعب قريب عهد بعرس فوثب فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة؟ أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل لأجاب، فنزل إليهم وتحدث معهم ساعة وساروا معه إلى شعب العجوز، ثم إن أبا نائلة قال: ما رأيت كاليوم ريحا أطيب، أتأذن لي أن أشم رأسك، قال: فشمه حتى فعل ذلك مرارا فلما استمكن منه أخذ برأسه، وقال: اضربوا عدو الله فاختلف عليه أسيافهم فلم يغن شيئا، قال محمد بن مسلمة: قد كنت مشغولا فأخذته، وقد صاح (2) عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه نار، فتحاملت عليه وقتلته، وقد أصاب (3) الحارث بن أوس بعض أسيافنا، فاحتملناه وجئنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبرناه بقتل عدو الله، فتفل على جرح صاحبنا وعدنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت اليهود، فليس بها يهودي إلا وهو يخاف على نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة اليهودي
(١١)