أبي سفيان من يوم حلفت حتى كانت وقعة أحد.
وروى الواقدي بإسناده عن ابن عباس قال: لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة ثم كشف عنه فبشر المؤمنين بجبرئيل في جند من الملائكة في ميمنة الناس، وميكائيل في جند آخر في ميسرة الناس، وإسرافيل في جند آخر خلف الناس، وكان إبليس قد تصور للمشركين في صورة سراقة بن جعشم، يذمر المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لكم من الناس، فلما أبصر عدو الله الملائكة نكص على عقبيه وقال: إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون، فتشبث به الحارث بن هشام وهو يرى أنه سراقة لما سمع من كلامه، فضرب صدر الحارث فسقط الحارث وانطلق إبليس لا يرى حتى وقع في البحر، ورفع يديه قائلا: يا رب موعدك الذي وعدتني وأقبل أبو جهل على أصحابه يحضهم على القتال، وقال: لا يغرنكم خذلان سراقة إياكم، فإنما كان على ميعاد من محمد وأصحابه، سيعلم إذا رجعنا إلى قديد (1) ما نصنع بقومه، ولا يحولنكم مقتل عتبة وشيبة والوليد فإنهم عجلوا وبطروا حين قاتلوا، وأيم الله لا نرجع اليوم حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال، فلا ألفين أحدا منكم قتل أحدا منهم، ولكن خذوهم أخذا نعرفهم بالذي صنعوا لمفارقتهم دينكم و رغبتهم عما كان يعبد آباؤهم.
قال الواقدي: وحدثني عتبة بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه قال: إن كنا لنسمع لإبليس يومئذ خوارا ودعاء بالثبور (2) والتصور في صورة سراقة بن جعشم حتى هرب فاقتحم البحر، ورفع يديه مادا لهما يقول: يا رب ما وعدتني، ولقد كانت قريش بعد ذلك تعير سراقة بما صنع يومئذ، فيقول: والله ما صنعت شيئا، فروي عن عمارة الليثي قال: حدثني شيخ صياد من الحي كان يومئذ على ساحل البحر قال: سمعت صياحا: يا ويلاه يا ويلاه، قد ملا الوادي يا حرباه يا حرباه، فنظرت فإذا سراقة بن جعشم فدنوت منه فقلت: مالك فداك أبي وأمي؟