كانوا عليها "؟ قال الزجاج: إنما أمر بالصلاة إلى بيت المقدس لان مكة وبيت الله الحرام كانت العرب آلفة بحجها (1)، فأحب الله (2) أن يمتحن القوم بغير ما ألفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه (3) " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " قيل: معنى " كنت عليها " صرت عليها وأنت عليها يعني الكعبة، وقيل وهو الأصح:
يعني بيت المقدس، أي ما صرفناك عن القبلة التي كنت عليها، أو ما جعلنا القبلة التي كنت عليها فصر فناك عنها " إلا لنعلم " أي ليعلم حزبنا من النبي والمؤمنين أو ليحصل المعلوم موجودا، أو لنعاملكم معاملة المختبر، أو لا علم مع غيري " من يتبع الرسول " أي يؤمن به ويتبعه في أقواله وأفعاله " ممن ينقلب على عقيبه " أي الذين ارتدوا لما حولت القبلة، أو المراد كل مقيم على كفره " وإن كانت " أي القبلة أو التحويلة ومفارقة القبلة الأولى، وقيل: أي الصلاة " لكبيرة " أي لثقيلة، يعني التحويلة إلى بيت المقدس، لان العرب لم تكن قبلة أحب إليهم من الكعبة، أو إلى الكعبة.
" وما كان الله ليضيع إيمانكم " قيل: فيه أقوال:
أحدها: أنه لما حولت القبلة قال ناس: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى؟ فنزلت، وقيل: إنهم قالوا: كيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك؟
وكان قد مات أسعد بن زرارة والبراء بن معرور وكانا من النقباء، فقال: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي صلاتكم إلى بيت المقدس ويمكن حمل الايمان على أصله (4).
وثانيها: أنه لما ذكر ما عليهم من المشقة في التحويلة أتبعه بذكر ما لهم عنده بذلك من المثوبة، وأنه لا يضيع ما عملوه من الكلفة.