بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٢٨٠
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، وكان حزن يعقوب عليه السلام حزنا بعده تلاق، ومحمد صلى الله عليه وآله قبض ولده إبراهيم قرة عينه في حياة منه، وخصه بالاختبار ليعظم له الادخار فقال صلى الله عليه وآله: " تحزن النفس ويجزع القلب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الرب " في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عز ذكره، والاستسلام له في جميع الفعال.
فقال له اليهودي: فإن هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة، وحبس في السجن توقيا للمعصية، فالقي في الجب وحيدا.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله قاسى مرارة الغربة، وفارق الأهل (1) والأولاد والمال مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه، فلما رأى الله عز وجل كأبته و استشعاره (2) الحزن أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف عليه السلام في تأويلها، و أبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون (3) " ولئن كان يوسف عليه السلام حبس في السجن فلقد حبس رسول الله صلى الله عليه وآله نفسه في الشعب ثلاث سنين، وقطع منه أقاربه وذووا الرحم، وألجأوه إلى أضيق المضيق، فلقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا (4) إذ بعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه، ولئن كان يوسف عليه السلام القي في الجب فلقد حبس محمد صلى الله عليه وآله نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال لصاحبه: " ولا تحزن إن الله معنا (5) " ومدحه الله بذلك في كتابه.
فقال له اليهودي: فهذا موسى بن عمران عليه السلام آتاه الله التوراة التي فيها حكمه.
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل منه، أعطي محمد

(١) في المصدر: وفراق الأهل.
(٢) الكآبة: الغم وسوء الحال والانكسار من الحزن. استشعر الخوف أي جعله شعار قلبه.
(٣) الفتح: ٢٧.
(٤) متينا خ ل.
(٥) التوبة: ٤٠.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390